تهدم وتبنى فيتهاون النَّاس بحرمتها وَلَكِن أرقعها فَقَالَ ابْن الزبير: وَالله مَا يرضى أحدهم أَن يرقع بَيت أَبِيه وَأمه فَكيف أرقع بَيت الله تَعَالَى؟ وَكَانَ مِمَّن أَشَارَ عَلَيْهَا بهدمها جَابر ابْن عبد الله وَعبد بن نمير وَعبد الله بن صَفْوَان بن أُميَّة، فَأَقَامَ أَيَّامًا يشاور وَينظر ثمَّ أجمع على هدمها، وَكَانَ يحب أَن يكون هُوَ الَّذِي يحب أَن يردهَا على مَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قَوَاعِد إِبْرَاهِيم وعَلى مَا وَصفه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَائِشَة، فأرادا أَن يبنيها بالورس وَيُرْسل إِلَى الْيمن فِي ورس يشترى بِهِ، فَقيل: إِن الورس يذهب وَلَكِن ابْنهَا بالقصة فَسَأَلَ عَن الْقِصَّة، فَأخْبر أَن قصَّة صنعاء هِيَ أَجود الْقِصَّة فَأرْسل إِلَى صنعاء بأربعمائة دِينَار يشترى لَهُ بهَا قصَّة ويكترى عَلَيْهَا وَأمر بتثجثج ذَلِك ثمَّ سَأَلَ رجَالًا من أهل الْعلم بِمَكَّة من أَيْن أخذت قُرَيْش حجارتها فأخبروه مبلغها، فَنقل لَهُ من الْحِجَارَة قدر مَا يحْتَاج، فَلَمَّا اجْتمعت وَأَرَادَ هدمها خرج أهل مَكَّة إِلَى منى وَأَقَامُوا بهَا ثَلَاثًا؛ فرقا أَن ينزل عَلَيْهِم عَذَاب بهدمها، فَأمر ابْن الزبير بهدمها فَلم يجترئ على ذَلِك أحد، فَلَمَّا رأى ذَلِك علاها هُوَ بِنَفسِهِ فَأخذ الْمعول وَجعل يَهْدِمهَا وَيَرْمِي بحجارتها، فَلَمَّا رَأَوْا أَنه لم يصبهُ شَيْء اجترءوا فَصَعِدُوا وهدموا وأرقى ابْن الزبير فَوْقهَا عبيدا من الْجَيْش فهدموها رَجَاء أَن يكون فيهم صفة الحبشي الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يخرب الْكَعْبَة ذُو السويقتين من الْحَبَشَة ". وَقَالَ مُجَاهِد: سَمِعت عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ يَقُول: كَأَنِّي بِهِ أصيلع أفيدع قَائِم عَلَيْهَا يَهْدِمهَا بمسحاته. وَقَالَ مُجَاهِد: فَلَمَّا هدم ابْن الزبير الْكَعْبَة جِئْت أنظر هَل أرى الصّفة الَّتِي قَالَ عبد الله بن عَمْرو؟ فَلم أرها فهدموا وَأَعَانَهُمْ