شَاءَ الله مِنْهُم. وَقيل: هلك الْقَوْم جَمِيعًا فَلَمَّا رَأَتْ الْحَبَشَة ذَلِك خَرجُوا هاربين يبتدرون الَّتِي مِنْهُ جَاءُوا، ويسألون عَن نفَيْل بن حبيب ليدلهم على الطَّرِيق إِلَى الْيمن، وَقَالَ نفَيْل بن حبيب حِين رأى مَا أنزل الله بهم من عَذَابه: أَيْن المفر والإله الطَّالِب ... والأشرم المغلوب غير الْغَالِب وَقَالَ نفَيْل أَيْضا فِي ذَلِك: أَلا حييت عَنَّا ياردينا ... نعمناكم مَعَ الإصباح عينا ردنيه لَو رَأَيْت ولت تريه ... لَدَى جنب المحصب مَا رَأينَا إِذا لعذرتني وحمدت أَمْرِي ... وَلم تأسى على مَا فَاتَ بَينا حمدت الله إِذْ عَايَنت طيرا ... وَخفت حِجَارَة تلقى علينا وكل الْقَوْم يسْأَل عَن نفَيْل ... كَأَن عليّ للحبشان دينا ونفيل ينظر إِلَيْهِم من بعض تِلْكَ الْجبَال، وَقد خرج الْقَوْم وماج بَعضهم فِي بعض، فَخَرجُوا يتساقطون بِكُل طَرِيق وَيهْلِكُونَ على كل مِنْهَا، وَبعث الله على أَبْرَهَة دَاء فِي جسده فَجعل تتساقط أنامله، كلما سَقَطت أُنْمُلَة أتبعتها مُدَّة من قيح وَدم فَانْتهى إِلَى صنعاء وَهُوَ مثل فرخ الطير مِمَّن بَقِي من أَصْحَابه وَمَا مَاتَ حَتَّى انصدع صَدره عَن قلبه ثمَّ هلك، وَأقَام بِمَكَّة ضعف الْجَيْش وَبَعض من ضمه الْعَسْكَر فَكَانُوا بِمَكَّة يعتملون ويرعون لأهل مَكَّة. انْتَهَت قصَّة أَصْحَاب الْفِيل. قَالَ مقَاتل بن سُلَيْمَان: إِن السَّبَب الَّذِي جر حَدِيث أَصْحَاب هُوَ أَن فتية من قُرَيْش خَرجُوا تجارًا إِلَى أَرض النَّجَاشِيّ فَسَارُوا حَتَّى دنوا من سَاحل الْبَحْر فِي سَنَد حقف من أحقافه ببيعة لِلنَّصَارَى تسميها قُرَيْش " الهيكل "، ويسميها النَّجَاشِيّ وَأهل أرضه " الماسرجسان "، فَنزل الْقَوْم فِي سندها فَجمعُوا حطباً وأججوا نَارا وشووا لَحْمًا، فَلَمَّا ارتحلوا تركُوا النَّار كَمَا هِيَ فِي يَوْم عاصف فعجت الرِّيَاح فاضطرم الهيكل نَارا، وَانْطَلق الصَّرِيخ إِلَى النَّجَاشِيّ فَأخْبرهُ فأسف عِنْد ذَلِك غَضبا لِلْبيعَةِ فَبعث أَبْرَهَة لهدم الْكَعْبَة.