فانجلت عَنْهُم الظلمَة، وَإِنَّمَا سمي الدُّف من أجل ذَلِك. وَفِي رِوَايَة قَالَ لَهُ الْأَحْبَار: هَل هَمَمْت لهَذَا الْبَيْت بِسوء؟ فَأخْبرهُم بِمَا قَالَ لَهُ الهذليون وَبِمَا أَرَادَ أَن يفعل فَقَالَت الْأَحْبَار: وَالله مَا أَرَادوا إِلَّا هلاكك وهلاك قَوْمك، إِن هَذَا بَيت الله الْحَرَام وَلم يردهُ أحد قطّ بِسوء إِلَّا هلك. قَالَ: فَمَا الْحِيلَة؟ قَالُوا: تنوي لَهُ خيرا أَن تعظمه وتكسوه وتنحر عِنْده وتحسن إِلَى أَهله فَفعل، فانجلت عَنْهُم الظلمَة وسكنت الرّيح وَانْطَلَقت بهم رِكَابهمْ ودوابهم، فَأمر تبع بالهذليين فَضربت رقابهم وصلبهم وَإِنَّمَا كَانُوا فعلوا ذَلِك حسداً لقريش على ولايتهم الْبَيْت. قَالَ السُّهيْلي: روى نقلة الْأَخْبَار أَن تبعا لما عمد إِلَى الْبَيْت يُرِيد إخرابه رمي بداء تمخض من رَأسه قَيْحا وصديداً يثج ثَجًّا، وأنتن حَتَّى لَا يَسْتَطِيع أحد أَن يدنو مِنْهُ قيد رمح وَقيل: بل أرْسلت عَلَيْهِ ريح كتفت مِنْهُ يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ وَجلده فَأَصَابَتْهُمْ ظلمَة شَدِيدَة حَتَّى رقت خيلهم، فَقَالَ لَهُ: الْجِيرَان تب إِلَى الله مِمَّا نَوَيْت فَفعل فبرئ من دائه وَصَحَّ من وَجَعه. قَالَ السُّهيْلي: وأخلق بِهَذَا الْخَبَر أَن يكون صَحِيحا، فَإِن الله تَعَالَى يَقُول: " وَمن يرد فِيهِ بإلحاد بظُلْم نذقه من عَذَاب أَلِيم ". أَي: وَمن يهم فِيهِ بظُلْم وَإِن لم يفعل عذّب تشديداً فِي حَقه وتعظيماً لِحُرْمَتِهِ كَمَا فعله الله بأصحاب الْفِيل أهلكهم قبل الْوُصُول إِلَى بَيته. انْتهى. ثمَّ سَار تبع حَتَّى قدم مَكَّة فَكَانَ سلاحه بقعيقعان فَلذَلِك سمي قعيقعان، وَكَانَت خيله بأجياد فَلذَلِك سمي أجياد الْجِيَاد خيل تبع، وَكَانَت مطابخه فِي الشّعب الَّذِي يُقَال لَهُ: شعب عبد الله بن عَامر بن كريز فَلذَلِك سمي شعب المطابخ، فأقاما بِمَكَّة أَيَّامًا ينْحَر فِي كل يَوْم مائَة بَدَنَة وَلَا يرزأ هُوَ وَلَا أحد من عسكره مِنْهَا شَيْئا، يردهَا النَّاس وَيَأْخُذُونَ مِنْهَا حَاجتهم ثمَّ يَقع عَلَيْهَا الطير فيأكل ثمَّ يتناوبها السبَاع إِذا أمست لَا يصد عَنْهَا إِنْسَان وَلَا طَائِر وَلَا سبع يفعل ذَلِك كل يَوْم مُدَّة مقَامه ثمَّ كسا الْبَيْت كسْوَة كَامِلَة كَسَاه العصب، وَجعل لَهُ بَابا يغلق بصبة فارسية، وَهُوَ أول من كسا الْبَيْت كسْوَة كَامِلَة، أرى فِي الْمَنَام أَن يَكْسُوهَا فكساها الأنطاع ثمَّ أرى أَن يَكْسُوهَا فكساها الوصائل ثِيَاب حبرَة من عصب الْيمن، وَهُوَ أول من جعل لَهَا بَابا