صُورَة إِنْسَان وَكَانَت يَده الْيُمْنَى مَكْسُورَة فَأَدْرَكته قُرَيْش فَجعلت لَهُ يدا من ذهب، وَكَانَت لَهُ خزانَة للقربان وَكَانَ قربانه مائَة بعير، وَكَانَ لَهُ حَاجِب.
قد تقدم أَنه زنى رجل من جرهم بِامْرَأَة فِي الْكَعْبَة وقبّلها فِيهَا فمسخا حجرين، وَاسم الرجل إساف بن بغه، وَقيل: إساف بن عَمْرو، وَاسم الْمَرْأَة نائلة بنت ذِئْب، وَقيل: بنت سُهَيْل، فأخرجا من الْكَعْبَة وَعَلَيْهِمَا ثيابهما فنصب أَحدهمَا على الصَّفَا وَالْآخر على الْمَرْوَة، فَلم يزل الْأَمر يدرس ويتقادم حَتَّى صَار يمسحهما من وقف على الصَّفَا والمروة ثمَّ صَارا وثنين يعبدان، فَلَمَّا كَانَ عَمْرو بن لحي أَمر النَّاس بعبادتهما والتمسح بهما حَتَّى كَانَ قصيّ فَصَارَت إِلَيْهِ الحجابة وَأمر مَكَّة فحولهما من الصَّفَا والمروة، فَجعل أَحدهمَا بلصق الْكَعْبَة وَجعل الآخر فِي مَوضِع زَمْزَم، وَكَانَ ينْحَر عِنْدهمَا وَكَانَ يطْرَح بَينهمَا مَا يهدى للكعبة، وَلم تكن تَدْنُو مِنْهُمَا امْرَأَة طامث وَكَانَ الطَّائِف إِذا طَاف بِالْبَيْتِ بَدَأَ بإساف فاستلمه، وَإِذا فرغ من طَوَافه ختم بنائلة فاستلمها، حَتَّى كَانَ يَوْم الْفَتْح فكسرهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ مَا كسر من الْأَصْنَام. فَخرج من نائلة عَجُوز سَوْدَاء شَمْطَاء حبشية تخمش وَجههَا عُرْيَانَة نَاشِرَة الشّعْر تَدْعُو بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور، فَقيل لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك: فَقَالَ: " تِلْكَ نائلة قد أَيِست أَن تعبد ببلادكم ". وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ: دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة يَوْم الْفَتْح وَإِن بهَا ثَلَاثمِائَة وَسِتِّينَ صنماً قد سدها لَهُم إِبْلِيس بِالطَّعَامِ وَفِي رِوَايَة: حول الْكَعْبَة ثَلَاثمِائَة وَسِتُّونَ صنماً وَكَانَ بيد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضيب فَطَافَ على رَاحِلَته وَجعل يطعنها