سجلة، وَقيل: بل حفرهَا هَاشم وَهِي الْبِئْر الَّتِي يُقَال لَهَا: بِئْر جُبَير بن مطعم فَكَانَت سجلة لهاشم بن عبد منَاف فَلم تزل لوَلَده حَتَّى وَهبهَا أَسد بن هَاشم لمطعم بن عدي حِين حفر عبد الْمطلب زَمْزَم واستغنوا عَنْهَا، وَيُقَال: وَهبهَا لَهُ عبد الْمطلب حِين حفر زَمْزَم وَاسْتغْنى عَنْهَا، وَسَأَلَهُ الْمطعم بن عدي أَن يضع حوضاً من أَدَم إِلَى جنب زَمْزَم السُّفْلى؛ ليسقى فِيهِ من مَاء بئره فَأذن لَهُ فِي ذَلِك فَكَانَ يفعل، فَلم يزل هَاشم بن عبد منَاف يسْقِي الْحَاج حَتَّى توفّي فَقَامَ بِأَمْر السِّقَايَة من بعده عبد الْمطلب بن هَاشم فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى حفر زَمْزَم فأغنت عَن آبار مَكَّة فَكَانَ مِنْهَا مشرب الْحَاج، قَالَ: وَكَانَت لعبد الْمطلب إبل كَثِيرَة إِذا كَانَ يَوْم الْمَوْسِم جمعهَا ثمَّ سقى لَبنهَا بالعسل فِي حَوْض من أَدَم عِنْد زَمْزَم، وَيَشْتَرِي الزَّبِيب فينبذه بِمَاء زَمْزَم ويسقيه الْحَاج؛ ليكسر غلظ مَاء زَمْزَم وَكَانَت إِذْ ذَاك غَلِيظَة جدا، وَكَانَ النَّاس إِذْ ذَاك لَهُم فِي بُيُوتهم أسقفة فِيهَا المَاء من هَذِه الْآبَار ثمَّ ينبذون فِيهَا القبضات من الزَّبِيب وَالتَّمْر؛ لتكسر عَنْهُم مَاء آبار مَكَّة، وَكَانَ المَاء العذب بِمَكَّة عَزِيزًا لَا يُوجد إِلَّا لإِنْسَان يستعذب لَهُ من بِئْر مَيْمُون خَارج مَكَّة، فَلبث عبد الْمطلب يسْقِي النَّاس حَتَّى توفّي، فَقَامَ بِأَمْر السِّقَايَة بعده الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب رَضِي الله عَنهُ فَلم تزل فِي يَده، وَكَانَ للْعَبَّاس كرم بِالطَّائِف وَكَانَ يحمل زبيبه إِلَيْهَا وَكَانَ يداين أهل الطَّائِف وَيَقْتَضِي مِنْهُم الزَّبِيب فينبذ ذَلِك كُله ويسقيه الْحَاج أَيَّام الْمَوْسِم، فَدخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة يَوْم الْفَتْح فَقبض السِّقَايَة من الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب والحجابة من عُثْمَان بن طَلْحَة، فَقَالَ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب رَضِي الله عَنهُ فَبسط يَده وَقَالَ: يَا رَسُول الله بِأبي أَنْت وَأمي اجْمَعْ لي الحجابة والسقاية فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أُعْطِيكُم مَا تزرءون فِيهِ وَلَا تزرءون مِنْهُ ". فَقَامَ بَين عضادتي بَاب الْكَعْبَة فَقَالَ: أَلا إِن كل دم أَو مَال أَو مأثرة كَانَت فِي الْجَاهِلِيَّة فَهِيَ تَحت قدمي هَاتين إِلَّا سِقَايَة الْحَاج وسدانة الْكَعْبَة، فَإِنِّي قد أمضيتهما لأهلهما على مَا كَانَت عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّة. فقبضها الْعَبَّاس فَكَانَت فِي يَده حَتَّى توفّي فوليها بعده عبد الله بن عَبَّاس فَكَانَ يفعل فِيهَا