وَأما أَبْوَاب مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَذَلِك أَنه لما بنى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَسْجده أَولا جعل لَهُ ثَلَاثَة أَبْوَاب: بَاب فِي مؤخره، وَبَاب عَاتِكَة، وَبَاب الرَّحْمَة، وَالْبَاب الَّذِي كَانَ يدْخل مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بَاب عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ الْمَعْرُوف الْيَوْم بِبَاب جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام. قَالَ الْحَافِظ محب الدّين: روى عَن ربيعَة بن عُثْمَان قَالَ: لم يبْق من الْأَبْوَاب الَّتِي كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدْخل مِنْهَا إِلَّا بَاب عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ. قَالَ الشَّيْخ جمال الدّين: فَلَمَّا بنى الْوَلِيد بن عبد الْملك الْمَسْجِد جعل لَهُ عشْرين بَابا ثَمَانِيَة فِي جِهَة الشرق فِي الْحَائِط القبلي: الأول: بَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. سمي بذلك لمقابلته بَيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا لِأَنَّهُ دخل مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَام، وَقد سد عِنْد تَجْدِيد الْحَائِط، وَجعل مِنْهُ شباك يقف الْإِنْسَان عَلَيْهِ من خَارج الْمَسْجِد، فَيرى حجرَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. الثَّانِي: بَاب عليّ رَضِي الله عَنهُ كَانَ يُقَابل بَيته خلف بَيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقد سد أَيْضا عِنْد تَجْدِيد الْحَائِط. الثَّالِث: بَاب عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ نقل عِنْد بِنَاء الْحَائِط الشَّرْقِي قبالة الْبَاب الأول الَّذِي كَانَ يدْخل مِنْهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بَاب جِبْرِيل، وَهُوَ مُقَابل لدار عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ، ثمَّ اشْترى عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ دَارا حولهَا إِلَى الْقبْلَة والشرق، وشمالها الطَّرِيق إِلَى بَاب جِبْرِيل إِلَى بَاب الْمَدِينَة الأول من عمل جمال الدّين الْأَصْبَهَانِيّ، وَمِنْه يخرج إِلَى البقيع فَالَّذِي يُقَابل بَاب جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام مِنْهَا الْيَوْم رِبَاط أنشأه جمال الدّين مُحَمَّد بن عَليّ بن مَنْصُور الْأَصْبَهَانِيّ وَزِير بني زنكي وَوَقفه على فُقَرَاء الْعَجم، وَجعل لَهُ فِيهِ مشهداً دفن فِيهِ، وَكَانَ قد جدد أَمَاكِن كَثِيرَة بِمَكَّة وَالْمَدينَة، مِنْهَا بَاب إِبْرَاهِيم بِمَكَّة وزيادته واسْمه مَكْتُوب على الْبَاب، وتاريخه من سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة، وَمِنْهَا المنابر بِمَكَّة وَعَلَيْهَا اسْمه، وَكَانَ أَولا قد جدد بَاب الْكَعْبَة وَأخذ الْبَاب الْعَتِيق وَحمله إِلَى بَلَده، وَعمل مِنْهُ تابوتاً حمل فِيهِ بعد مَوته إِلَى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة، وَمَات مسجوناً بقلعة الْموصل سنة تسع وَخمسين وَخَمْسمِائة وَحمل إِلَى مَكَّة ثمَّ إِلَى الْمَدِينَة وَأنْشد فِي ذَلِك: سرى نعشه فَوق الركاب وطالما ... سرى جوده فَوق الركاب ونائله يمر على الْوَادي فتثنى رماله ... عَلَيْهِ وبالبادي فتثنى أرامله وَهُوَ الَّذِي بنى سور الْمَدِينَة الثَّانِي بعد السُّور الأول الْقَدِيم، وَعمل لَهَا أبواباً من حَدِيد وَلكنه كَانَ على مَا حول الْمَسْجِد، فَلَمَّا كثر النَّاس بِالْمَدِينَةِ وَوصل السُّلْطَان الْملك الْعَادِل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015