وَمِائَة، وَكَانَ ابتداؤه سنة اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَة، وَعرض منقبته مِمَّا يَلِي الْمشرق ذراعان وَأَرْبع أَصَابِع وَهُوَ أعرضها؛ لِأَنَّهُ من نَاحيَة السَّيْل.
قَالَ الْحَافِظ محب الدّين: وَفِي صحن الْمَسْجِد أَربع وَسِتُّونَ بلاعة، عَلَيْهَا أرحاء لَهَا صمائم من حِجَارَة، وَكَانَ أَبُو البحتري وهب بن وهب القَاضِي والياً على الْمَدِينَة لهارون الرشيد وكشف سقف الْمَسْجِد فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَمِائَة فَوجدَ فِيهِ سبعين خَشَبَة فأصلحها، وَكَانَ مَاء الْمَطَر إِذا كثر فِي صحن الْمَسْجِد يغشى قبْلَة الْمَسْجِد، فَجعل بَين الْقبْلَة والصحن " لاصقاً حجاراً من المربعة " الَّتِي فِي غربي الْمَسْجِد إِلَى المربعة الَّتِي فِي شرقيه الَّتِي تلِي الْقَبْر الْمُقَدّس تمنع المَاء والحصب. وَأما الستائر الَّتِي كَانَت فِي صحن الْمَسْجِد: فَذَلِك أَنه لما قدم أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَة أَمر بستور فَستر بهَا صحن الْمَسْجِد، على عمد لَهَا رُؤُوس كقريات الفساطيط، وَجعلت فِي الطيقان، فَكَانَت لَا تزَال الْعمد تسْقط على النَّاس، فغيرها وَأمر بستور أكثف من تِلْكَ الستور، وحبال تَأتي من جدة تسمى القنبار وَجعلت مشتبكة، فَكَانَت تجْعَل على النَّاس كل جُمُعَة، فَلم تزل حَتَّى خرج مُحَمَّد بن عبد الله بن حسن يَوْم الْأَرْبَعَاء لليلتين بَقِيَتَا من جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَة، فَأمر بهَا فَقطعت ذراريع لمن كَانَ يُقَاتل مَعَه، فَتركت حَتَّى كَانَ زمَان هَارُون فَأخذت هَذِه الأستار الْيَوْم، وَلم يكن يستر بهَا فِي زمَان بني أُميَّة. قَالَ عفيف الدّين الْمرْجَانِي: ثمَّ إِنَّهَا تركت لما جدد الْملك النَّاصِر الرواقين. وَعَن حسن بن مُصعب قَالَ: أدْركْت كسْوَة الْكَعْبَة يُؤْتى بهَا الْمَدِينَة قبل مَكَّة فتنشر على الرضراض فِي مُؤخر الْمَسْجِد ثمَّ يخرج بهَا إِلَى مَكَّة، وَذَلِكَ فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ أَو اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة. انْتهى وَأما الْآن فَلَا يُؤْتى بهَا إِلَى الْمَدِينَة وَإِنَّمَا يُؤْتى بهَا صُحْبَة الركب الْمصْرِيّ. وَأما السقايات: فَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن بن زبالة: كَانَ فِي صحن الْمَسْجِد تسع عشرَة سِقَايَة إِلَى أَن كتبنَا كتَابنَا هَذَا فِي صفر سنة تسع وَتِسْعين وَمِائَة، مِنْهَا ثَلَاث عشرَة