النجار كَانَ فِيهِ نخل وقبور الْمُشْركين وَخرب، فَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالنخيل فَقطع وبقبور الْمُشْركين فنبشت وبالخرب فسويت، قَالَ: فصفوا النّخل قبْلَة لَهُ وَجعلُوا عضادتيه حِجَارَة، وطفق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينْقل مَعَهم اللَّبن فِي بُنْيَانه، وَبنى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَسْجده مربعًا وَجعل قبلته إِلَى بَيت الْمَسْجِد، وَطوله سَبْعُونَ ذِرَاعا فِي عرض شبر أَو أَزِيد، وَجعل لَهُ ثَلَاثَة أَبْوَاب وَجعلُوا ساريتي الْمَسْجِد من الْحِجَارَة وبنوا بَاقِيه من اللَّبن، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: كَانَ جِدَار الْمَسْجِد مَا كَادَت الشَّاة تجوزه. وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: كَانَ طول جِدَار الْمَسْجِد بسطة، وَكَانَ عرض الْحَائِط لبنة لبنة، ثمَّ إِن الْمُسلمين كَثُرُوا فبنوه لبنة وَنصفا، ثمَّ قَالُوا: يَا رَسُول الله لَو أمرت بِالْمَسْجِدِ فظلل، قَالَ: نعم، فأقيم لَهُ سوار من جُذُوع النّخل شقة شقة ثمَّ طرحت عَلَيْهَا الْعَوَارِض والخصف والإذخر، وَجعل وَسطه رحبة فَأَصَابَتْهُمْ الأمطار فَجعل الْمَسْجِد يكف بهم، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله لَو أمرت بِالْمَسْجِدِ فطين، فَقَالَ لَهُم: " عَرِيش كعريش مُوسَى ثمام وخشيبات يعم فَيعْمل وَالْأَمر أعجل من ذَلِك "، فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَيُقَال: إِن عَرِيش مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ إِذا قَامَ بِهِ اصاب رَأسه السّقف. قَالَ أهل السّير: وَبنى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَسْجده مرَّتَيْنِ، بناه حِين قدم أقل من مائَة فِي مائَة، فَلَمَّا فتح الله تَعَالَى عَلَيْهِ خَيْبَر بناه فَزَاد فِي الدّور مثله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015