أقرن، إِذا صمت فَعَلَيهِ الْوَقار، وَإِن تكلم سما وعلاه الْبَهَاء، أجمل النَّاس وابهاه من بعيد، وَأحسنه وأجمله من قريب، حُلْو الْمنطق أَو المنظر، فصل، لَا نزر وَلَا هذر، كَأَن مَنْطِقه خَرَزَات نظم يتحدرن، ربعَة، لَا يبأس من طول، وَلَا تَقْتَحِمُهُ عين من قصر، غُصْن بَين غُصْنَيْنِ، فَهُوَ أَنْضَرُ الثَّلَاثَة منْظرًا، وَأَحْسَنهمْ قدرا، لَهُ رُفَقَاء يحفونَ بِهِ، إِن قَالَ أَنْصتُوا لقَوْله، وَإِن أَمر تبَادرُوا إِلَى أمره، مَحْفُودٌ محشود، لَا عَابس، وَلَا مُفند. قَالَ أَبُو معبد: هَذَا وَالله صَاحب قُرَيْش الَّذِي ذكر لنا من أمره مَا ذكر بِمَكَّة، لقد هَمَمْت أَن أَصْحَبهُ وَلَأَفْعَلَن إِن وجدت إِلَى ذَلِك سَبِيلا. وَأصْبح صَوت بِمَكَّة عَالِيا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض يسمعونه وَلَا يرَوْنَ قَائِله: جزى الله رب النَّاس خير جَزَائِهِ ... رَفِيقَيْنِ حلاّ خَيْمَتي أم معبد. . الأبيات قَالَ: فَأصْبح النَّاس قد فقدوا نَبِيّهم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذُوا على خَيْمَتي أم معبد حَتَّى لَحِقُوا بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ ابْن إِسْحَاق: بَلغنِي أَنه لما خرج قَالَ أهل السّير: وَلَقي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الزبير فِي ركب من الْمُسلمين، كَانُوا تجارًا قافلين من الشَّام، فكسا الزبير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر ثِيَاب بَيَاض، وَسمع الْمُسلمُونَ بِالْمَدِينَةِ بمخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَكَّة فَكَانُوا يَغْدُونَ كل غَدَاة إِلَى ثنية الْوَدَاع ينتظرون قدوم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فحين قدم قَالَ قَائِلهمْ: طلع الْبَدْر علينا ... من ثنيات الْوَدَاع وَجب الشُّكْر علينا ... مَا دَعَا لله دَاع أَنْت مُرْسل حَقًا ... جِئْت من أَمر مُطَاع جئتنا تمشي رويدا ... نحونا يَا خير دَاع