أَمر أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَأْمُون صَالح بن الْعَبَّاس فِي سنة عشر وَمِائَتَيْنِ أَن يتَّخذ لَهُ برك خمس فِي السُّوق لِئَلَّا يتعنى أهل أَسْفَل مَكَّة والثنية وأجيادين إِلَى بركَة أم جَعْفَر وأجرى عينا من بركَة أم جَعْفَر من فضل ماءها فِي عين تسكب فِي بركَة الْبَطْحَاء ثمَّ تمْضِي إِلَى بركَة عِنْد الصَّفَا ثمَّ تمْضِي إِلَى بركَة عِنْد الحناطين ثمَّ تمْضِي إِلَى بركَة بفوهة سكَّة الثَّنية دون دَار أويس ثمَّ تمْضِي إِلَى بركَة عِنْد سوق الْحَطب بِأَسْفَل مَكَّة ثمَّ تمْضِي فِي سرب ذَلِك إِلَى " ماجن " أبي صلابة، ثمَّ إِلَى الماجنين اللَّذين فِي حَائِط ابْن طَارق وبأسفل مَكَّة وَكَانَ صَالح بن الْعَبَّاس لما فرغ مِنْهَا ركب بِوُجُوه النَّاس إِلَيْهَا فَوقف عَلَيْهَا حِين جرى فِيهَا المَاء وَنحر عِنْد كل بركَة جزوراً وَقسم لَحمهَا على النَّاس انْتهى كَلَام الْأَزْرَقِيّ. وَذكر المَسْعُودِيّ فِي تَارِيخه مِقْدَار مَا صرفت زبيدة وَهِي أم جَعْفَر بنت أبي الْفضل الْمَذْكُورَة فِي عمَارَة هَذِه الْعين، وَذكر فِيمَا ذكر وأحصى ألف ألف وَسَبْعمائة ألف دِينَار نقل ذَلِك المَسْعُودِيّ عَن مُحَمَّد بن عَليّ الْمصْرِيّ الْخُرَاسَانِي الأخباري وَالظَّاهِر أَن هَذِه هِيَ عين مَكَّة الْمَعْرُوفَة اليون بِعَين بازان بباء مُوَحدَة وألفين بَينهمَا زَاي لِأَنَّهَا فِي هَذِه الْجِهَة الَّتِي ذكرهَا الْأَزْرَقِيّ. وَالله أعلم. وَقد عمر هَذِه الْعين جمَاعَة من الْخُلَفَاء والملوك، مِنْهُم الْمُسْتَنْصر العباسي فِي سنة خمس وَعشْرين وسِتمِائَة وَفِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَمِنْهُم الْأَمِير جوبان نَائِب السلطنة بالعراقين عَن السُّلْطَان أبي سعيد بن خربيدا ملك التتر وَذَلِكَ فِي سنة سِتّ وَعشْرين وَسَبْعمائة ووصلت إِلَى مَكَّة فِي الْعشْر الْأَخير من جُمَادَى الأولى من هَذِه السّنة وَعم نَفعهَا وَعظم، وَكَانَ جريانها هَذَا رَحْمَة من الله تَعَالَى لأمة نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُم كَانُوا فِي جهد عَظِيم بِسَبَب قلَّة المَاء بِمَكَّة وعمرت مَرَّات كَثِيرَة فِي عصرنا وَفِيمَا قبله وَمِمَّنْ أحسن أمرهَا فِي عصرنا وَقَامَ بعمارتها وَصرف عَلَيْهَا الْأَمْوَال الجزيلة الشهَاب بركوت المكين لِأَنَّهُ الَّذِي يقوم بأمرها من سنة ثَلَاث عشرَة إِلَى تَارِيخه وَهُوَ سبع عشرَة، وَمن الْعُيُون الَّتِي أجريت بِمَكَّة عين أجراها الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون صَاحب مصر سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة فِي مجْرى عين بازان وتعرف هَذِه الْعين بِعَين جبل ثقبة وَجُمْلَة المصروف عَلَيْهَا خَمْسَة آلَاف دِرْهَم وَذَلِكَ على يَد ابْن هِلَال الدولة مشيد الْعِمَارَة وَمِنْهَا عين أجراها الْأَمِير الْمَعْرُوف بِالْملكِ نَائِب السلطنة بِمصْر فِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة من منى إِلَى بركَة السّلم بطرِيق منى.