فَيحصل للمصلين خَلفهم لبس كَبِير بِسَبَب التباس أصوات المبلغين وَاخْتِلَاف حركات الْمُصَلِّين، وَمَعَ ذَلِك يكثر اللَّغط واللغو وَأَحَادِيث الدُّنْيَا من المستمعين غير الْمُصَلِّين، ويجتمعون بذلك أَمَام كل إِمَام حلقا حلقا وأفواجاً مستدبرين الْقبْلَة متوجهين إِلَى الإِمَام، ويختلط الرِّجَال بِالنسَاء متزينات متعطرات فَيَزْدَاد التشويش على الطائفين، وَقل من يحصل لَهُ حُضُور فِي طواف أَو غَيره مَعَ اجْتِمَاع مثل ذَلِك الْجمع الْعَظِيم، ويعظم ذَلِك فِي الْعشْر الآخر من رَمَضَان ليَالِي الْخَتْم فيجتمع فِيهَا الْجمع الْعَظِيم من الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالصبيان، ويهرع إِلَيْهَا الْأَعْرَاب وَأهل الْبَوَادِي والأودية من قرى شَتَّى خُصُوصا لَيْلَة الْخَامِس وَالْعِشْرين وَالسَّابِع وَالْعِشْرين من رَمَضَان، وَبعد الْفَرَاغ من الْخَتْم يصعد صَغِير على مِنْبَر والجم الْغَفِير تَحْتَهُ، ويخطب ويعظهم بِصَوْت عَال، بِحَيْثُ يبلغ الطائفين ويشوش عَلَيْهِم وَيجْلس فِي الْخطْبَة جلسات، وَيقْرَأ الْقُرَّاء الجالسون تَحْتَهُ عقيب كل جلْسَة عشرا من الْقُرْآن بِأَصْوَات عالية وألحان متنوعة، وَيحصل فِي تِلْكَ اللَّيَالِي الْفِتَن بَين الرِّجَال وَالنِّسَاء، وكل هَذِه بدع شنيعة ومنكرات قبيحة وفْق الله ولي الْأَمر لإزالتها، وأثاب المتسبب فِي إطفاء رسومها. وَفِي صَلَاة التَّرَاوِيح خلف الصّبيان اخْتِلَاف، قَالَ مشائخ الْعرَاق وَبَعض مشائخ بَلخ: لَا تجوز. وَقَالَ غَيرهم: تجوز. وَعَن نصر بن يحيى أَنه سُئِلَ عَنْهَا قَالَ: تجوز إِذا كَانَ ابْن عشر سِنِين. وَقَالَ السَّرخسِيّ: الصَّحِيح أَنَّهَا لَا تجوز؛ لِأَنَّهُ غير مُخَاطب وَصلَاته لَيست بصحيحة على الْحَقِيقَة، فَلَا تجوز إِمَامَته كإمامة الْمَجْنُون، أما إِذا أمّ الصَّبِي الصّبيان فَإِنَّهُ يجوز؛ لِأَن صَلَاة الإِمَام مثل صَلَاة الْمُقْتَدِي. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: " فِي بيُوت أذن الله أَن ترفع ". قَالَ الْعلمَاء: يسْتَحبّ أَن ينور الْبَيْت الَّذِي يقْرَأ فِيهِ الْقُرْآن بتعليق الْقَنَادِيل وَنصب الشموع وَيُزَاد فِي شهر رَمَضَان فِي أنوار الْمَسَاجِد. انْتهى. وَأما حكم صَلَاة الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة الْحَنَفِيّ والمالكي والحنبلي فِي المكتوبات على الصّفة الَّتِي ذَكرنَاهَا: فَاجْتمع أَصْحَابنَا على أَن الْمَسْجِد إِذا صلى فِيهِ جمَاعَة بعد جمَاعَة بِغَيْر أَذَان ثَان فَإِنَّهُ يُبَاح كَذَا ذكره شَارِح الْجمع؛ لِأَنَّهُ قَالَ: قَالَ أَصْحَابنَا: الْمَسْجِد إِذا