بجدة ثمَّ نقلت على الْعجل من جدة إِلَى مَكَّة، وَوَضَعُوا أَيْديهم فهدموا الدّور، وبنوا الْمَسْجِد منحدراً حَتَّى دخل دَار أم هَانِئ بنت أبي طَالب وَكَانَ عِنْدهَا بِئْر جَاهِلِيَّة كَانَ قصي حفرهَا فَدخلت تِلْكَ الْبِئْر فِي الْمَسْجِد، فحفر الْمهْدي عوضا عَنْهَا الْبِئْر الَّتِي على بَاب البقالين الَّتِي فِي حدّ ركن الْمَسْجِد الْحَرَام الْيَوْم وتعرف هَذِه الْبِئْر الْيَوْم ببئر حزورة ثمَّ مضوا فِي نائه بأساطين الرخام وسقفه بالساج الْمَذْهَب المنقوش حَتَّى توفّي الْمهْدي سنة تسع وَسِتِّينَ وَمِائَة، وَقد انْتهى إِلَى آخر مُنْتَهى أساطين الرخام من أَسْفَل الْمَسْجِد، فاستخلف مُوسَى أَمِير الْمُؤمنِينَ فبادروا الْيَوْم بإتمام الْمَسْجِد وأسرعوا فِي ذَلِك، وبنوا أساطينه بحجارة ثمَّ طليت بالجص وَعمل سقفه عملا دون عمل الْمهْدي فِي الإحكام وَالْحسن، فَهَذَا جَمِيع مَا عمر فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وأحدث فِيهِ إِلَى الْيَوْم.
قَالَ الْأَزْرَقِيّ: ذرع الْمَسْجِد الْحَرَام مكسراً مائَة ألف ذِرَاع، وَعِشْرُونَ ألف ذِرَاع، وذرع الْمَسْجِد طولا من بَاب بنى جمح إِلَى بَاب بني هَاشم الَّذِي عِنْده الْعلم الْأَخْضَر مُقَابل دَار الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَرْبَعمِائَة ذِرَاع وَأَرْبَعَة أَذْرع، وَعرضه من بَاب دَار الندوة إِلَى الْجدر الَّذِي يَلِي الْوَادي عِنْد بَاب الصَّفَا ثَلَاثمِائَة ذِرَاع وَأَرْبَعمِائَة ذِرَاع. انْتهى كَلَامه. قَالَ عز الدّين بن جمَاعَة: ومساحة الْمَسْجِد الْحَرَام سِتَّة أفدنة وَنصف وَربع، والفدان عشرَة آلَاف ذِرَاع بِذِرَاع الْعَمَل الْمُسْتَعْمل فِي الْبُنيان بِمصْر وَهُوَ ثَلَاثَة أشبار تَقْرِيبًا.
أَرْبَعمِائَة اسطوانة وَتِسْعَة وَسِتُّونَ اسطوانة فِي جوانبه الْأَرْبَعَة، وعَلى أَبْوَاب الْمَسْجِد من دَاخله وخارجه سَبْعَة وَعِشْرُونَ اسطوانة، فَيصير الْجَمِيع أَرْبَعمِائَة اسطوانة وَسِتَّة