ووسع الْمَسْجِد من جَمِيع نواحيه، وَكَانَت دَار الندوة يَوْمئِذٍ دَاخِلَة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وبابها فِي وسط الصحن، وَلم يزل بَاب دَار الندوة فِي مَوْضِعه حَتَّى زَاد أَبُو جَعْفَر فِي الْمَسْجِد فَأَخَّرَهُ إِلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ الْيَوْم. قَالَ الْأَزْرَقِيّ: وَسمعت من يذكر أَن ابْن الزبير كَانَ سقفه فَلَا أَدْرِي كُله أم بعضه، ثمَّ عمره عبد الْملك بن مَرْوَان وَلم يزدْ فِيهِ وَلكنه رفع جدرانه وسقفه بالساج وعمره عمَارَة حَسَنَة، كَمَا ذكرنَا، وَجعل فِي رُؤُوس الأساطين خمسين مِثْقَالا من ذهب فِي رَأس كل اسطوانة. قَالَ الْأَزْرَقِيّ: وَذَلِكَ زمَان ابْن الزبير.
عمر الْوَلِيد بن عبد الْملك بن مَرْوَان الْمَسْجِد الْحَرَام وَكَانَ إِذا عمل الْمَسَاجِد زخرفها فنقض عمل عبد الْملك وَعمل عملا محكماً، وَهُوَ أول من نقل إِلَيْهِ الأساطين الرخام وسقفه بالساج المزخرف، وعَلى رُؤُوس الأساطين الذَّهَب على صَفَائِح الشّبَه من الصفر، وأزر الْمَسْجِد بالرخام من دَاخله وَجعل فِي وَجه الطيقان فِي أَعْلَاهُ الفسيفساء، وَهُوَ أول من عمله فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَجعل لِلْمَسْجِدِ شرافات، وَكَانَت هَذِه عمَارَة الْوَلِيد بن عبد الْملك.
لم يعمر الْمَسْجِد الْحَرَام بعد الْوَلِيد بن عبد الْملك أحد من الْخُلَفَاء وَلم يزدْ فِيهِ شَيْئا حَتَّى كَانَ أَبُو جَعْفَر أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَزَاد فِي شقَّه الشَّامي الَّذِي فِيهِ دَار النَّخْلَة وَدَار الندوة فِي أَسْفَله، وَلم يزدْ عَلَيْهِ فِي أَعْلَاهُ وَلَا فِي شقَّه الَّذِي على الْوَادي، فَاشْترى من النَّاس دُورهمْ الملاصقة بِالْمَسْجِدِ من أَسْفَله حَتَّى وَضعه على منتهاه الْيَوْم.