أجعَل للكعبة قدحين ولي قدحين، وَلكم قدحين فَمن خرج قدحاه على شَيْء كَانَ لَهُ، وَمن تخلف قدحاه فَلَا شَيْء لَهُ. قَالُوا: أنصفت. فَجعل قدحين أصفرين للكعبة، وقدحين أسودين لعبد الْمطلب، وقدحين أبيضين لقريش، ثمَّ أعْطوا القداح الَّذِي يضْرب بهَا عِنْد هُبل، وَقَامَ عبد الْمطلب يَدْعُو الله عز وَجل وَضرب صَاحب القداح فَخرج الأصفران على الغزالين، وَخرج الأسودان على الأسياف والأدراع لعبد الْمطلب، وتخلف قدحا قُرَيْش، فَضرب عبد الْمطلب الأسياف بَابا للكعبة، وَضرب فِي الْبَاب الغزالين فَكَانَت أول حلية حليته الْكَعْبَة. قَالَ السُّهيْلي: دلّ على زَمْزَم بعلامات ثَلَاث: بنقرة الْغُرَاب الأعصم، وَأَنَّهَا بَين الفرث وَالدَّم، عِنْد قَرْيَة النَّمْل، ويروى أَنه لما قَامَ ليحفرها رأى مَا رسم لَهُ من قَرْيَة النَّمْل ونقرة الْغُرَاب وَلم ير الفرث وَالدَّم، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك ندّت بقرة لجازرها فَلم يُدْرِكهَا حَتَّى دخلت الْمَسْجِد الْحَرَام ونحرها فِي الْموضع الَّذِي رسم لعبد الْمطلب فَسَالَ هُنَاكَ الفرث وَالدَّم، فحفر عبد الْمطلب حَيْثُ رسم لَهُ، وَلم تخص هَذِه العلامات الثَّلَاث بِأَن تكون دَلِيلا عَلَيْهَا إِلَّا لحكمة إلهية، وَفَائِدَة مشاكلة فِي علم التَّعْبِير والتوسم الصَّادِق يَعْنِي زَمْزَم وماءها. أما الفرث وَالدَّم: فَإِن ماءها طَعَام طعم وشفاء سقم وَهِي لما شربت لَهُ، وَقد تقوّت من مَائِهَا أَبُو ذَر ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَيْلَة فسمن حَتَّى تكثرت عكنه، فَهِيَ إِذا كَمَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي اللَّبن: " إِذا شرب أحدكُم اللَّبن فَلْيقل: اللَّهُمَّ بَارك لنا فِيهِ وزدنا مِنْهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْء يسد مسد الطَّعَام وَالشرَاب إِلَّا اللَّبن ". وَقَالَ تَعَالَى فِي اللَّبن: " من بَين فرث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015