وهذبه ودربه وشغله بالخط فاجتهد فيه وجوده على عبد الله الانيس وكان ليوم إجازته محفل نفيس جمع فيه المرؤس والرئيس ثم زوجه ابنته وجعله خليفته ولم يزل في حال حياة سيده معتكفا على المشق والتسويد معتنيا بالتحرير والتجويد إلى أن فاق أهل عصره في الجودة في الفن وجميع كل مستحسن ولما توفي شيخ المكتبين المرحوم إسمعيل الوهبي جعل المترجم شيخا باتفاق منهم لما اعطى من مكارم الشيم وطيب الاخلاق وتمام المروءة وحسن تلقي الواردين وجميل الثناء عليه من أهل الدين وألف من اجله شيخنا السيد محمد مرتضى كتاب حكمة الأشراق إلى كتاب الافاق جمع فيه ما يتعلق بفنهم مع ذكر أسانيدهم وهو غريب في بابه يستوقف الراتع في مريع هضابه ولم يزل شيخا ومتكلما على جماعة الخطاطين والكتاب وعميدهم الذي يشار إليه عند الأرباب نسخ بيده عدة مصاحف وأحزاب وأما نسخ الدلائل فكثرتها لا تدخل تحت الحساب إلى أن طافت به المنية طواف الوداع ونثرت عقد ذلك الاجتماع وبموته انقرض نظام هذا الفن.
ومات صاحبنا الأديب الماهر والنبيه الباهر نادرة العصر وقرة عين الدهر عثمان بن محمد بن حسين الشمسي وهو أجد الاخوة الأربعة أكثرهم معرفة وأغزرهم أدبا وأغوصهم في استخراج الدقائق واستنتاج الرقائق وامهم جميعا الشريفة رقية بنت السيد طه الحموي الحسيني ولد المترجم بمصر وربى في حجر ابويه وتعلق من صغره بمعرفة الفنون الغريبة فنال طرفا منها حسنا يليق عند المذاكرة وعرف الفرائض واستخرج منها طرقا غريبة في استحقاق المواريث في قسم الغرماء في شبابيك وله سليقة شعرية مقبولة وله معرفة باللغة جيدة يطالع كتبها ويحل عقدها ويسأل عن غرائب الفن ويغوص بذهنه على كل مستحسن ولقد نظم فرائض الدين وأسماء أهل بدر وغير ذلك وبالجملة أنه كان من محاسن الزمان توفي رحمة الله في اواخر شعبان مطعونا وخلف ولديه محمد جربجي وحسن جربجي احياهما الله حياة طيبة