الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الدين المشروع الذي وصاهم الله باقامته في قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً} فكل أمر من أمور الخلائق دنيا واخرى عاجلا وآجلا قولا وفعلا حركة وسكونا جار على نهج العدالة ما دام موزونا بهذا الميزان ومنحرف عنها بقدر انحرافه عنه ولا تصح الاقامة بالعدالة إلا بالعلم وهو اتباع احكام الكتاب والسنة.
الثاني: العلماء الذين هم ورثة الانبياء فهم فهموا مقامات القدوة من الانبياء وإن لم يعطوا درجاتهم واقتدوا بهداهم واقتفوا آثارهم إذ هم أحباب الله وصفوته من خلقه ومشرق نور حكمته فصدقوا بما اتوا به وسروا على سبيلهم وأيدوا دعوتهم ونشروا حكمتهم كشفا وفهما ذوقا وتحقيقا ايمانا وعلما بكمال المتابعة لهم ظاهرا وباطنا. فلا يزالون مواظبين على تمهيد قواعد العدل واظهار الحق برفع منار الشرع وأقامة اعلام الهدى والإسلام واحكام مباني التقوى برعاية الاحوط في الفتوى تزهدا للرخص لأنهم امناء لله في العالم وخلاصة بني ادم مخلصون في مقام العبودية مجتهدون في اتباع احكام الشريعة عن باب الحبيب لا يبرحون ومن خشية ربهم مشفقون مقبلون على الله تعالى بطهارة الأسرار وطائرون إليه باجنحة العلم والانوار هم أبطال ميادين العظمة وبلابل بساتين العلم والمكالمة. أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون وتلذذوا بنعيم المشاهدة ولهم عند ربهم ما يشتهون وما ظهر في هذا الزمان من الاختلال في حال البعض من حب الجاه والمال والرياسة والمنصب والحسد والحقد لا يقدح في حال الجميع لأنه لا يخلو الزمان من محقيهم وإن كثر المبطلون ولكنهم اخفياء مستورون تحت قباب الخمول لا تكشف عن حالهم يد الغيرة الألهية والحكمة الأزلية. وهم آحاد الأكوان وافراد الزمان وخلفاء الرحمن وهم مصابيح الغيوب مفاتيح اقفال القلوب وهم خلاصة خاصة الله من خلقه وما برحوا أبدا في مقعد صدقه بهم يهتدي كل حيران ويرتوي كل ظمآن وذلك أن.