واستهلت سنة تسعة عشر ومائتين والف.
فكان ابتداء المحرم بيوم الخميس فيه ركب الوالي العثملي وشق من وسط المدينة فمر على سوق الغورية فأنزل الغورية فأنزل شخصا من ابناء التجار المحتشمين وكان يتلو في القرآن فأمر الأعوان فسحبوه من حانوته وبطحوه على الأرض وضربوه عدة عصي من غير جرم ولا ذنب وقع منه ثم تركه وسار إلى الأشرفية فأنزل شخصا من حانوته وفعل به مثل ذلك فأنزعج أهل الأسواق وأغلقوا حوانيتهم واجتمع الكثير منهم وذهبوا إلى بيت الباشا يشكون فعل الوالي وسمع المشايخ بذلك فركبوا أيضا إلى بيت الباشا وكلموه فأظهر الحنق والغيظ على الوالي ثم قاموا وخرجوا من عنده فتبعهم بعض المتكلمين في بيت الباشا وقال لهم أن الباشا يريد قتل الوالي والمناسب منكم الشفاعة فرجعوا إلى الباشا وشفعوا في الوالي وأرسل سعيد أغا الوكيل وأحضروا له المضروب وأخذ بخاطره وطيب نفسه بكلمات ورجع الجميع كما ذهبوا وظنوا عزل الوالي فلم يعزل.
وفيه رجع المصرلية والعربان وانتشروا بأقليم الجيزة حتى وصلوا إلى انبابة وضربوها ونهبوها وخرج أهلها على وجوههم وعدوا إلى البر الشرقي وأخذ العسكر في اهبة التشهيل والخروج لمحاربتهم.
وفي يوم الجمعة ثانية سافر السيد علي القبطان إلى جهة رشيد وخرج بصحبته جماعة كثيرة من العساكر الذين غنموا الأموال من المنهوبات فاشتروا بضائع وأسبابا ومتاجر ونزلوا بها صحبته وتبعهم غيرهم من الذين يريدون الخلاص والخروج من مصر فركب محمد علي إلى وداع السيد علي المذكور ورد كثيرا من العساكر المذكورة ومنعهم عن السفر.
وفي سادسه خرج محمد علي وأكابر العسكر بعساكرهم وعدوا إلى برانبابة ووصلوا ونصبوا وطاقهم وعملوا لهم عدة متاريس وركبوا عليها المدافع واستعدوا للحرب فلما كان يوم الأحد حادى عشره كبس المماليك والعربان وقت الغلس على متاريس العسكر وحملوا على متراس