ويتعرف الملك على نتائج قرارات المجلس فإن أقرها صيغت على هيئة مراسيم وأعلنها باسمه، أو وقعه معه رئيس مجلس المسود. وربما وقعها كذلك في بعض الأحوال كبار رجال المجلس بأسمائهم مشفوعة بأسماء عشائرهم أو قبائلهم. وهكذا توافرت لمجلس المسود القتباني صفات متعددة: فهو مجلس ملكي يجتمع بأمر الملك وينفض بأمره، وهو مجلس استشاري يحق للملك أن يقبل اقتراحاته أو يرفضها، ثم هو في الوقت نفسه مجلس للدولة يضم كبار أعيان قبائلها وأقليمها ويبحث في مصالحها. كما أنه مجلس تشريعي يصوغ القوانين بعد موافقة الملك عليها ثم يوقع رئيسه عليها وربما وقع أعضاؤه الكبار عليها كذلك بعد توقيع الملك عليها.

وعلى الرغم من صدور المراسيم باسم الملك القتباني الحاكم إلا أنها لم تكن تؤرخ بسنوات حكمه، وإنما تؤرخ بعام رياسة رئيس مجلس المسود. ويبدو أن هذه كانت رياسة دورية يتعاقب عليها كبار أعضاء المجلس لفترات محدودة قد تقتصر على عام أو عامين لكل منهم، وقد تزيد عن العامين في أحوال استثنائية يتجدد فيها اخيتار الرئيس أكثر من مرة لسبب أو لآخر.

وكانت الأوامر أو المراسيم الملكية تنقش على مدخل العاصمة تمنع أحيانًا، وتنقش على نصب تقام في السوق الرئيسية وفي المعابد. وتخدم بذلك أغراضًا شتى منها توفير العلنية للمراسيم، وتخليدها لذكرى الملك الحاكم الذي صدرت باسمه، ولتظل مرجعًا لما يعقبها من عهود وقوانين. ويضاف إلى هذه الأغراض فيما يختص بنقشها على نصب المعابد أن من المعابد ماكان لها موضعها المتوسط داخل المدن، ويتردد عليها كثير ممن يعرفون القراءة، فضلًا عما توحي به من وضع الأوامر الملكية تحت رعاية أربابها، وإشعار الناس أن هؤلاء الأرباب شركاء فيها، لاسيما إذا تناولت حقوقًا مفروضة للمعابد ومنشآتها وكهنتها. وليس ما يمنع بعد هذا من افتراض وجود منادين يعلنون مضمون هذه الأوامر والمراسيم شفاهة في الأحياء والأقاليم والقبائل باسم الملك الحاكم.

ومن أهم ما تضمنته نقوش البوابة الجنوبية للعاصمة تمنع، والتى يحتمل تسميتها بوابة ذو سدان بقايا نص لتشريع صدر في عهد الملك يدع أب ذبيان بن شهر في بداية القرن الثاني ق. م. وفيه ما يقضي على القاتل القتباني بالحرمان (من الحقوق المدنية أو الدينية) بحكم خروجه على القانون، فإن تجاهل مقتضيات هذا الحكم وأصر على البقاء في قتبان أباح الملك دمه، دون أن تترتب على قاتله عقوبة أو ملامة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015