تضرب هنا وهناك وتخرب وتحرق المدن والقرى بضراوة ثم اتجهت شمالًا لتكمل سيطرتها على منطقة الجوف ومنطقة نجران. وهنا ادعت نصوص كرب إيل وتر سيطرته على الألوف من الأسرى وقضائه على الألوف من الجنود مما سنعود إلى ذكره حين نعالج تاريخ كل من الدولتين معين وأوسان في تفصيل. وتكفي الإشارة هنا إلى ما عقبت به نصوص ذلك المكرب المنتصر من أنه أعاد توزيع الأقاليم التى خضعت له. فاحتجز بعضها لنفسه. وخصص بعضها لمعبوده الأكبر إلمقه. وأقطع بعضها للقبائل الموالية له ولاسيما قبيلته التي كانت تسمى فيشان أو بيشان، كما تنازل عن بعضها لدولتي قتبان وحضرموت مكافأة لهما على حيادهما خلال حروبه الطويلة مع خصومه، وتعويضًا لهما عن سبق اعتداء أوسان على حدودهما.

وعندما اطمأن كرب إيل وتر إلى سلامة مركزه شجعته انتصاراته على أن يصيغ حكمه بالصيغة المدنية علانية إلى جانب قداسته الروحية. فأعلن نفسه ملكًا، وادعى في نصوصه أن ربه إلمقه هو الذى تخيره ملكًا أو صيره ملكًا وأيده في مشروعاته. وسجل أخبار انتصاراته (عن طريق كتبته) في نص كبير في المعبد الأكبر بالعاصمة القديمة صرواح، ومن تصاريف الأقدار أن نص النصر الكبير هذا قد آل مصيره إلى التلف والمهانة في بداية العصر الحاضر بعد أن أطل وجه الحجر الذي نقش عليه على حظيرة للماشية وأطل وجهه الآخر على طريق السابلة ليعبث الصغار فيه ماشاءت لهم رغبة العبث.

وكما كان كرب إيل وتر خاتمة لعهود المكربين أصبح بداية لعهود جديدة في تاريخ دولته وهي عهود الملكية السبأية التي يبدؤها أصحاب التاريخ المختصر بحوالي عام 410ق. م. (بينما كان أصحاب التارخ المطول يبدأونها بحوالي عام 630ق. م.).

وقبل أن ندع عهود الكربين نود الإشارة إلى نظرية جديدة خرج بها الباحث صلى الله عليه وسلم.G.Loundine منذ عام 1956، ولم تستقر صحتها تمامًا حتى الآن. ومفادها أن السبأيين وإن لم يؤرخوا نصوصهم بسنوات حكم المكربين ولم يدرجوا أسماء أولئك المكربين في قوائم متصلة. مما أدى إلى الاختلاف الواسع في تاريخ عهودهم كما أسلفنا من قبل، إلا أن التنظيمات السبأية جعلت إلى جانب المكرب موظفًا كبيرًا بلقب رشو، ربما بمعنى الكاهن النائب، ليؤرخ الناس باسمه في فترة نيابته التى تسمى رشوة أو رشاوة، وكان يلي الكهانة لمعبود قومه عثتر بالوراثة ولدًا عن والد في أكبر عشيرة في الدولة بعد عشيرة الملك (وهي عشيرة حزفر من قبيل خليل) -ويشرف إلى جانب كهانته على مشروعات الري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015