وكان لكل عمود منها تاج زخرفي في أعلاه يضيق من أعلى إلى أسفل بما يشبه بعض العمائم اليمنية. وقد تهدمت الأعمدة ولم يتبق غير قواعدها وأجزاء من تيجانها.
وتكرر اسم المكرب يدع إيل ذريح، الذي أولى اهتمامًا خاصًا للمعابد ضمن نصوص معبد ضخم آخر يقع إلى جنوب شرقي مأرب الحالية بنحو أربع كيلو مترات، وهو معبد أطلق السبئيون عليه اسم بيت أوام أي معبدها على اعتبار أنه يعتبر بيتًا مقدسًا للمعبود الأكبر في البلد الذي يعبد فيه، وخصصوه لإلمقه بعل أوام أي سيدها. وكانت منطقة أوام هذه ذات صلة بعشيرة مرثد السبأية التي انتسب إليها كثير من حكام سبأ. وأطلق المسلمون على المعبد تجاوزًا أو خطأ اسم محرم بلقيس تأثرًا بما نشرته القصص عن هذه السيدة. ويظهر السور الكبير للمعبد على هيئة بيضاوية تقريبًا، ولا يزال داخله لم يكتشف بعضه. بينما اكتشفت بعثة أمريكية آثارية أجزاءه القريبة من مدخله فأظهرت بضعة عناصر معمارية راقية بنيت في أغلب الظن بعد عهود المكربين ولهذا نؤجل الحديث عنها إلى حين نبحث منشآت عصور الملكية في سبأ.
ويكفي هنا ما يستنتج من اتساع النشاط المعماري في عهود المكربين في أكثر من مكان، وإذا لم يكن لدينا حتى الآن ما نقدمه من صور هذا النشاط غير المعابد. فإن المعابدلم تكن تقام في مناطق مقفرة وإنما لا بد أنه صحب قيامها نشاط أكبر في توفير العمران السكاني والاقتصادي بقربها. وإذا كان مكرب واحد مثل يدع إيل ذريح قد أسعد الحظ ذكراه بأن أبقى على نصوصه في ثلاثة معابد على أقل تقدير لتكون شاهدًا على اهتماماته الدينية والعمرانية والتنظيمية والحربية كما أسلفنا، فالمرجح أن مكربين آخرين سبقوه وخلفوه كان لهم مثل نشاطه. وتحدثت بعض نصوصهم الباقية فعلًا عما عملوا على تشييده في عهودهم من معابد، وإن لم يعثر على آثار معظمها حتى الآن. وأخيرًا فقد كان اتجاه النشاط الإنشائي والديني إلى قرب مدينة مأرب مبشرًا بقرب انتقال الأهمية السياسية إليها واستغلال ما حولها، وقد أقيم فيها بالفعل أكبر مشروع بدأه السبئيون في عهود المكربين وهو:
مشروع سد مأرب:
قامت مأرب عند ملتقى طرق تجارة القوافل القديمة الواردة من بيحان وحضرموت ومواني البحر العربي والبحر الأحمر الجنوبية، فضمنت لنفسها موارد اقتصادية كبيرة من مكوس التجارة. وقامت في الوقت نفسه عند النهاية الشمالية