موارد الماء والتسابق إلى مناطق الكلأ. والتماس المواطن ذات الحماية الطبيعية والأمن النسبي والموارد الكافية. ثم ما ترتب على هذا كله من تنمية الروح الاستقلالية لدى القبائل وبين الأفراد، في مقابل تغليب المصالح القبلية على المصلحة العامة أو المصلحة القومية، وصعوبة قيام وحدة عامة بين السكان، حتى وحدهم دين الإسلام ودولة الإسلام.
وناقشنا كذلك في شيء من التفصيل المسببات المناخية والبشرية والاقتصادية المؤدية إلى خروج الهجرات البشرية الكبيرة من شبه الجزيرة إلى أطرافها. وفاضلنا بين النظريات المرجحة لتأثير دورات الجفاف الشديد المتباعدة، وبين الآراء المرجحة لتأثيرات فترات الضعف السياسي وتحول طرق التجارة الرئيسية. كما تتبعنا المراحل المحتملة لهذه الهجرات حتى استقرارها فى مناطق الهلال الخصيب أو بقربها.
الجنس والاسم:
تعددت الآراء قديمًا وحديثًا حول تحديد الموطن الأصلي للجنس الغالب في شبه الجزيرة العربية، وهي آراء رغم كثرة ترديدها فى مؤلفات التاريخ القديم، لا تكاد تؤدي إلى نتائج يقينية فى سوى أمرين: أولهما أن ضخامة الكتلة الصحراوية لشبه الجزيرة قد ساعدت على النقاء الجنسي واللغوي بين أهلها، ومناطقها الوسطى بخاصة، إلى حد نسبي كبير. والقول بالنسبية هنا ضرورة علمية لازمة حيث لا وجود لسلالة بشرية لم تختلط بغيرها قط، بينما دلت الشواهد التاريخية على أن اختلاط السلالات والأمم بعضها ببعض قد يؤدي أحيانًا إلى تجديد حيويتها وثراء حضارتها، وذلك على شريطة ألا تطغى العناصر الدخيلة على العناصر الأصيلة فيها.
أما الأمر الثاني فهو ترجيح انتماء سكان شبه الجزيرة العربية في لبانتهم أو فى جوهرهم إلى سلالة بشرية متجانسة ذات خصائص رئيسية متشابهة تعرف عادة باسم السلالة السامية أو الساميين. وهو اسم اصطلاحي نشر للباحث النمسوي شلوسر ( صلى الله عليه وسلمugust Ludvig Schlozer) في أواخر القرن الثامن عشر 1781م، واستعاره مما ذكرته أنساب التوارة في مثل الإصحاح العاشر من سفر التكوين عن ولد لنوح عليه السلام يدعى شام أو سام في مقابل ولد آخر يدعى حام، وولد ثالث هو يافث. وتواتر استخدام اسم الساميين بين معظم الباحثين، وإن أصبح بعضهم يطلقونه أساسًا على مجموعة اللغات ذات الأصل المشترك التى استخدمها سكان شبه الجزيرة وأطرافها. وجيرانهم ممن اتصلوا بهم بصلة الدم في