لاحظوا أن شاع القصة وأشاد بوفاء السموأل مصدر يهودي يتمثل في دارم بن عقال الذي قيل: إنه كان من نسل السموأل، وسعية بن عريس، وغيرهما من رواة اليهود، ثم الأعشى الشاعر الجاهلي، ورأى فنكلر علامات الشك محتملة فرجح أن تكون قصة السموأل قصة موضوعة استوحاها رواة اليهود هؤلاء من بعض قصص التوراة وأشاعوها تمجيدًا لقومهم، ثم رددها بعض الإخباريين بعدهم وأعجبوا بها لما اصطبغت به من روح الوفاء والإباء المحببة إلى العرب.

واعتاد الباحثون في تاريخ كندة أن يقفوا قليلًا عند قصة ذهاب امرئ القيس إلى القسطنطينية ومصيره فيها. حيث لم تذكر المصادر البيزنطية شيئًا عن امرئ القيس هذا ولا عن زيارته لعاصمتها من طرف صريح، وإن أشارت في مناسبات أخرى متفرقة إلى أن أعوان القيصر كانوا يقربون بين مشايخ العرب وملوكهم الصغار وبين قيصرهم ويشجعونهم على زيارة بلاطه أو يسعون عنده في أن يسمح لهم بزيارته في عاصمته.

ويفهم من بعض هذه المصادر على سبيل المثال أن شيخًا من شيوخ العرب الكبار يسمى امرأ القيس ارتحل من نواحي العراق إلى دومة الجندل واتخذها مركزًا لغزو جنوب فلسطين وساحل البحر الأحمر أو ساحل العقبة واستولى على جزيرة فيه. ثم اتصلت الأسباب بينه وبين الأسقف العربي بطرس فأقنعه بمهادنة الروم والسعي إليهم. وسعى له هو عند القيصر ليو حتى دعاه إلى القسطنطينية حوالي عام 473م فزاره وتنصر، وأقره على أرضه ولقبه بلقب فيلارخوس. وليس لامرئ القيس هذا صلة بامرئ القيس الشاعر وهو يسبق عهده بأكثر من نصف قرن.

واتصلت الأسباب بين شيخ عربي آخر دعته المصادر البيزنطية أبا كرب وبين القيصر يوستينيانوس (جوستين) وكان أبو كرب يتزعم قبيلته في جنوب فلسطين، وله واحة هناك كثيرة النخيل تقرب بها إلى القيصر فقبلها منه ولقبه هو الآخر بلقب فيلارخوس، وجاور أرضه أعراب من معد كانوا يدينون بالولاء للحميريين، مما يحتمل معه أنهم كانوا من كندة. وأراد أن يستعين بالقيصر ضدهم.

وذكرت رواية أخرى أن الإمبراطور يوستنيانوس أرسل رسولًا إلى سميفع إشوع المسيحي عامل الأحباش على اليمن، يدعوه إلى أن يصفح عن رئيس عربي يدعى قيس ويعاونه على رياسة معد ويتعاون معه على غزو أملاك فارس-وكانت هذه السفارة قبل عام 531م ولم تحقق غرضها - إما للخوف من فارس أو لأن سميفع لم تكن له سيادة فعلية على معد بحيث يولي قيسًا عليها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015