بشرق الأردن على نصب أقيم على قبر رجل يدعى فهر بن سلى تلقب بلقب مربي جذيمة ملك تنوخ.

وكان الملك جذيمة هذا الذي أشار النص إليه من أوائل ملوك تنوخ الذين احتفظ المؤرخون المسلمون بذكراهم، وجعلوا من قبله على رئاسة تنوخ مالكًا بن فهم الذي يحتمل أن يكون تلاه عمر بن فهم، أو تلاه جذيمة نفسه. ولقبوا جذيمة بالأبرش والوضاح ونسبوا إليه فتوحات واسعة، ووصفوه جذيمة نفسه. ولقبوا جذيمة بالأبرش والوضاح ونسبوا إليه فتوحات واسعة، ووصفوه بأنه كان ثاقب الرأي، بعيد المغار، شديد النكاية، ظاهر الحزم، وأول من غزا بالجيوش، فشن الغارات على قبائل العزب. ولو أن بعض الأوصاف قد خلعت أيضًا على غيره من كبار الملوك، أي أنه ليس من ضرورة إلى التسليم بحرفيتها. ثم جعلوا نهايته في مكيدة دبرتها له ملكة تدمر واحتفظ الأدب العربي بذكراها.

وإذا صح ما رواه بعض المورخين المسلمين من أن ملك جذيمة قد امتد فيما بين الحيرة والأنبار وبقة وهيت وناحيتها وعين التمر وأطراف البر إلى الغمر والقطقطانة وخفية وما والاها، لدل ذلك على أن قومه قد بدأوا محاولتهم مع الفرس في عهده أو من قبيل عهده ليسمحوا لهم بأن يقيموا على أطراف العراق.

وأضاف المؤرخون المسلمون ما يعني أن هذه الإقامة لم تتم بسهولة حيث ضاق الفرس بكثرة من أتت تنوخ بهم من العرب، فضيقوا عليهم حتى كره بعضهم الإقامة، ومنهم قضاعة، فنزحوا، وبقي بعض آخر عملوا على أن يثبتوا أقدامهم فيما نزلوا عليه، وكان منهم لخم وترأسهم حينذاك ملوك بني نصر الذين جعل المؤرخون أولهم عمرا بن عدي، واعتبروه من أقرباء جذيمة وقد يكون بن أخته.

ومع هذه الرغبة في الاستقرار أخذ عمران الأنبار والحيرة في الاتساع، وكانت كل منهما مدينة حدودية دل اسمها على ما أنشلت في الأصل من أجله فنشأت الأنبار بمعنى المستودع كمركز حدودي لإمداد الحاميات العسكرية بالمؤن، منذ القرن الميلادي الأول، ثم اتسعت ودعمت أسوارها. وقامت الحيرة بدور مشابه ففسر اسمها الآرامي حيرته بنفس ما فسر به اسمها العربي الحيرة بمعاني المخيم والمعسكر والحصن وموضع الإقامة ... إلخ ويبدو أنها كانت أقدم عهدًا من الأنبار، كما قدر لها أن تصبح أكثر شهرة منها.

وصور انطلاقة هؤلاء القوم في مرحلتهم الثانية لكي يتزعموا من حولهم من العرب والأعراب ولكي يشغلوا في باديتي العراق والشام ما كانت تشغله من قبل دولة تدمر، ويستفيدوا من كل من الفرس والرومان ثم الروم، نص لملكهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015