وهكذا احتفظ العرب بنشاطهم على الساحل الأفريقي، لاسيما في منطقته المعروفة باسم رأس التوابل، وفي منطقة الصومال، وعلى ساحل الحبشة، وامتد نشاطهم إلى ميناء رهابتا (وقد تكون ربطة العربية) بجوار زنزبار، وذكر مؤلف كتاب الطواف أن رهابتا هذه ظلت تعترف بالسيادة لأمير معافر الحميري بحكم امتياز قديم أخضع ساحلها لنفوذ دولة قديمة في بلاد العرب (وهي دولة أوسان) وأن طائفة من تجار ميناء موزا الحميرية كانوا يعملون باسم أميرهم فيها ويسيطرون على تجارتها ويتزاوجون مع أهلها.

وظل للعرب نشاطهم في جزر البحر العربي (أو المحيط الهندي) القريبة منهم مثل جزيرة سوقطرى (دفيبا سخترا=ديوس كوريديس= الجزيرة السعيدة).وذكر مؤلف الكتاب السابق أنها كانت تابعة لملك اللبان يعني بذلك ملك حضر موت، وأنه كان يسكن على ساحلها الشمالي تجار من العرب والهنود والإغريق.

وليس من شك في أنه لو توافر للمناطق العربية الجنوبية سلامها القديم عوضًا عن الاضطرابات التي مزقت شملها في هذه الفترة لاستطاعت أن تحقق أضعاف ما استشهدنا به من روايات المؤرخين والرحالة عنها- ولكن هذا الذي استشهدنا به كاف للدلالة على أنه كان لا يزال بها من الإمكانات ما تستطيع أن تستعيد به أمجادها القديمة أو بعضها على أقل تقدير.

وإذا كانت مأرب قد استنفذت جزءًا كبيرًا من طاقتها بعد كفاحها الطويل في سبيل البقاء، فقد بقي على ظفار أن تقوم بدورها، وقد مالت موازين القوى النسبية إليها بالفعل منذ النصف الثاني للقرن الثالث الميلادي. وبجوارها قام حصن ريدان الملكي الذي نافس حصن سلحين السبأي المجاور لمأرب. وقد اعتبر الإخباريون العرب الحصنين قصرين وأشادوا بما فيهما من فخامة وروعة ما وسعتهم الإشادة. وضموا إلي ذكر قصر ريدان قصرًا فخيمًا آخر ذكروه باسم شوحطان.

نهضة حمير وملكية سبأ وذوريدان وحضرموت ويمنة:

مهدت الفترة السابقة لسيادة أسرة حميرية ريدانية تنسب إلى إيل عز نوفان يهصدق. أو إلى ولده الأوسع شهرة منه ياسر يهنعم الثاني الذي حرف بعض الإخباريين اسمه إلى ناشر النعم اليعفرى. وذكر عبيد بن شرية أنه سمي كذلك واشتهر به لأنه استرجع ملك الحميريين وجمع الأمر لهم. ولما كان رأس أسرة جديدة أسرفت روايات هؤلاء الإخباريين (لاسيما ذوي الأصل اليمني) في ذكر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015