فدفن فيها في اليوم ولم يخل من باك عليه ومؤبن له ومتأسف على فقده بجميل أفعاله وحميد خلاله ورثي بهذه الأبيات المختصرة وهي:
كم غافل وسهام الموت مصمية ... تصميه في غفلة منه ونسيان
بينا تراه سريع الخطو في وطر ... حتى تراه سريعاً بين أكفان
كذاك كان بزانٌ في امارته ... ما بين جندس وأنصار وأعوان
هبّت رياح الرزايا في منازله ... فغادرتها بلا أنسٍ وجيران
أمسى بقبرٍ وحيداً جنب مدرسة ... بلا رفيقٍ ولا خلٍّ واخوان
ما عاينت نعشه عينٌ مؤرقةٌ ... إلاّ بكنه بأنواءٍ وتهتان
فرحمة الله لا ينفكّ زائره ... لحداً حوى جسمه منه بغفران
ولا أغبّت ثراه كل مرعدةٍ ... تهمي عليه بغيثٍ ليس بألواني
حتى تروّضه منها بصيبها ... بكل زهرٍ غضيضٍ ليس بالفاني
ما دامت الشهب في الأفلاك دائرةً ... وناحت الورق ليلاً بين أغصان
من يفعل الخير في الدنيا فقد ظفرت ... يداه بالحمد من قاصٍ ومن دان
وفي يوم الخميس مستهل صفر من السنة رفع القاضي ذكي الدين أبو الحسن علي ابن محمد بن يحيى بن علي قاضي دمشق إلى الملك العادل نور الدين رقعةً يسئله فيها الاعفاء من القضاء والاستبدال به فأجاب سؤاله وولى قضاء دمشق القاضي الأجل الامام كمال الدين بن الشهرزوري وهو المشهور بالتقدم ووفور العلم وصفاء الفهم والمعرفة بقوانين الأحكام وشروط استعمال الانصاف والعدل والنزاهة عن الاشفاف وتجنب الهوى والظلم وحكم بين الرعايا بأحسن افصال في الحكم وكتب له