مالاً معيناً في كل سنة إلى الافرنج فأقاموا على ذلك مدةً يسيرةً فلم يلبثوا على ما تقرر وعادوا إلى رسمهم في الفساد والعناد وفيها توفي الشريف القاضي المكين فخر الملك أبو الفضل اسمعيل بن ابرهيم بن العباس الحسيني ليلة الخميس الخامس والعشرين من صفر منها بدمشق رحمه الله
وفي جمادى الأولى من هذه السنة وردت الأخبار من ناحية العراق بوصول السلطان ركن الدنيا والدين محمد بن ملك شاه إلى بغداد وانفاذ كتبه إلى سائر البلاد معلماً فيها بما هو عليه من قوة العزم على قصد الجهاد والأمر لظهير الدين أتابك بالمقام بحيث هو إلى حين ترد العساكر إلى الشام وينضاف إليها ويدبر أمرها لأنه كان تابع كتبه بالاستصراخ والاستنجاد على الكفرة الأضداد فعرضت عوائق عن ذاك عاقت وموانع عن المراد صدت وطالت مدة الانتظار وتزايد طمع الكفار بتأخر العساكر السلطانية فحملت ظهير الدين أتابك الحمية الاسلامية والعزيمة التركية على التأهب للمسير بنفسه إلى بغداد لخدمة الدار العزيزة النبوية المستظهرية والمواقف السلطانية الغياثية والمثول بها والشكوى لما نزل بالمسلمين في الأعمال إليها من تملك البلاد وقتل الرجال وسبي النساء والأطفال وحديثهم بينهم بالطمع في الامتداد إلى تملك الأعمال الجزرية والعراقية. وتأهب للمسير واستصحب معه فخر الملك بن عمار صاحب طرابلس وخواص أصحابه وما أمكنه من الخيول العربية السبق وطرف مصر من أجناس اللباس وما يصلح لتلك الجهات من التحف والهدايا من كل فن له قيمة وافرة وتوجه في البرية على طريق السماوة فاستناب في دمشق ولده تاج الملوك بوري ووصاه بما يجب عمله من استعمال اليقظة في الذب والحماية واحسان السيرة في الرعية والمغالطة للافرنج والثبات على الموادعة المستقرة معهم إلى حين العود.