عرف الافرنج ذلك نهضوا إليه في تقدير ثلاثمائة فارس لانجاد من بالأكمة فوصلوا إليهم ليلاً فقويت نفوسهم واقتضى رأي أتابك الرحيل عنها بحكم من صار فيها منهم فرحل كالمنهزم وطمع فيه وتتبع العسكر فغنم من الخيل والكراع غنيمة كبيرة وتفرق العسكر في الشجر والجبال ووصلوا إلى حمص على أقبح صفة وأشنع صورة من غير لقاء ولا محاربة وعاد الافرنج إلى عرقة وعدم القوت فيها فملكوها بالأمان وفيها استوزر ظهير الدين أبا نجم هبة الله بن محمد بن بديع الأصفهاني الذي كان مستوفياً للسلطان تاج الدولة وكان قد وزر بعده لولده الملك رضوان بحلب وبقي في الوزارة مدة في أوائل سنة 502 وأفسد قلب ظهير الدين أتابك عليه مع ما كان في قلبه في الأيام التاجية فأمر بالقبض عليه واعتقاله في القلعة وحمل كل ما كان في داره وقبض أملاكه وأقام أياماً في الاعتقال ثم أمر بخنقه فخنق ورمي في جب بالقلعة ثم أخرج ودفن في المقابر وفي شعبان من هذه السنة وصل ريمند بن صنجيل الذي كان نازلاً على طرابلس من بلاد الافرنج في جملة ستين مركباً في البحر مشحونةً بالافرنج والجنويين فنزل على طرابلس ووقع بينه وبين السرداني ابن أخت صنجيل مشاجرة ووصل طنكري صاحب انطاكية إليه لمعونته للسرداني ووصل الملك بغدوين صاحب بيت المقدس في عسكره فأصلح بينهم. وعاد السرداني إلى عرقة ووجد بعض الافرنج في زرعها فأراد ضربه فضربه الافرنجي فقتله ولما بلغ الخبر ريمند بن صنجيل وجه من تسلم عرقة من أصحابه.