ورأيته بعد ذلك بأصبهان في سنة ست أو سبع وأربعين وخمسمائة، وقال: أنشدنا عبد الغافر لنفسه وهو مقيد في البيمارستان في حال استهتاره واستهاره [1] قصيدة أولها:
بأبى الوادي وصنوبره ... وغزال الشعب وجوذره
ومكان فيه يطلع لي ... ظبى [2] بحلى مستهتره
قبح الدينا بمحاسنه ... فتعالى الله مصوره
وهي قصيدة طويلة.
قال: وأنشدنا عبد الغافر لنفسه من قطعة:
ناحت ورقاء على فنن ... نوح المشتاق على الدمن
ناحت وتغنت هاتفة ... بالشجو تبوح وبالشجن
إن كان رضاكم في سهري ... فسلام الله على الوسن
من أهل نيسابور. وكان عفيفا متدينا صدوقا، وإليه انتهت الرحلة من البلدان، وختم به إسناد الأصم. سمع أباه وأبا بكر أحمد بن الحسن الحيري وأبا سعيد محمد بن موسى الصّيرفيّ وأبا سعيد فضل الله بن أبي الخير الميهني، وسمع بأصبهان أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ريذة وأبا طاهر أحمد بن محمود الثقفي، وحدث بالكثير؛ سمع منه الأئمة، وآخر من روى عنه على وجه الأرض أبو المعالي عبد المنعم بن عبد الله الفراوي.
وروى عنه الحسن بن محمد اليونارتي في معجم شيوخه، وقال فيه: ما رأيت أظرف منه ولا أحسن خلقا من الأكارم الأفاضل، وقد روى عنه أيضا أبو نصر المؤتمن بن أحمد الساجي.
مولده في شعبان سنة أربع عشرة وأربعمائة.