وعلى أن تعطيني خلعة ومائة دينار! قال: أفعل، وأخذت المصحف من بين يديه وانصرفت إلى داري ودخلت الخزانة أقلب الكاغذ العتيق وما يشابه كاغذ المصحف، وكان فيها من أنواع الكاغذ السّمرقندي والصيني والعتيق كل ظريف عجيب، فأخذت من الكاغذ ما وافقني وكتبت الجزء وأذهبته وعتقت ذهبه وقلعت جلدا [1] ، من جزء [من] [2] الأجزاء فجلدته به، وجلدت الذي قلعت منه الجلد وعتقته، ونسي بهاء الدولة المصحف ومضي على ذلك نحو سنة، فلما كان ذات يوم جرى ذكر أبي علي بن مقلة فقال لي: ما كتبت ذلك؟ قلت: بلى، قال: فأعطيته! فأحضرته المصحف كاملا، فلم [يزل] [3] يقلبه جزءا جزءا وهو لا يقف على الجزء الذي يخطي، ثم قال لي: أيما هو الجزء الذي بخطك؟ قلت: لما لك تعرفه فيغتر في عينك هذا مصحف كامل بخط أبي علي بن مقلة ونكتم سرنا، قال: أفعل، وتركه في ربعة عند رأسه ولم يعده إلى الخزانة، وأقمت مطالبا بالخلعة والدنانير، وهو يمطلني ويعدني، فلما كان يوما قلت: يا مولانا في الخزانة بياض صيني وعتيق مقطوع وصحيح، فتعطيني المقطوع منه كله دون الصحيح بالخلعة والدنانير، قال: مر [و] خذه! فمضيت وأخذت جميع ما كان فيها من ذلك النوع فكتبت فيه سنين.
قرأت في كتاب بعض الفضلاء قال: ومن شعر علي بن هلال بن البواب الكاتب ما قاله في ضمن رسالة وهو:
فلو أني أهديت ما هو فرض ... للرئيس الأجل من أمثالي
لنظمت النجوم عقدا إذا رصع ... غيري جواهرا بلئالئ
ثم أهديتها إليه وأقرر ... ت بعجزي في القول والأفعال
غير أني رأيت قدرك يعلو ... عن نظير ومشبه ومثال
فتفاءلت في الهدية بالأقلام ... علما مني بصدق الفال
فاعتقدها مفاتح الشرق والغر ... ب سريعا والسهل والأجبال
فهي تستن إن جرين على القر ... طاس بين الأرزاق والآجال
فاختبرها موقعا برسوم ال ... بر والمكرمات والإفضال
واحظ بالمهرجان وابل جديد ... الدهر في نعمة بغير زوال