معك هو ذا يقطر منه الدهن، فلعله مكسور! قال: فقلب الكوز وتأمل أسفله لينظر فيه شيء أم لا، فانصب الدهن على ثيابه وعلى الأرض وضحك الناس منه.
وحدثني عبد الرحمن بن عمر بن الغزال الواعظ قال: سمعت بعض المشايخ يحكى أن أبا الحسن المغفل كان يوما يمشي على شاطئ دجلة، فرأى شيئا طافيا على وجه الماء، فخلع ثيابه ونزل في الماء وسبح إلى أن لقي ذلك الطافي، إذا هو يقطينة مكسورة فعاد سريعا ولبس ثيابه وقال: ظننته هاونا أنتفع به فوجدته يقطينة مكسورة- فضحك من سمعه من قوله.
وذكر لي جماعة من أهلم العلم: أن أبا الحسن المغفل كان قد قرأ كتاب «إصلاح المنطق» لابن السكيت على البارع ابن الدباس، وكان سماعه من ابن المسلمة عدة مرار، كان كلما قرأني بالكتاب نسخة مليحة أو صحيحة يقول: هذه لم أقرأ منها، فيعود فيقرأه مرة أخرى.
قرأت في كتاب أبي محمد يحيى بن علي بن الطراح بخطه قال: مات الشيخ أبو الحسن علي المغفل من أصحاب الحديث في يوم الأحد سلخ ذي الحجة سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، ودفن يوم الأربعاء مستهل المحرم سنة اثنتين وثلاثين، وهكذا رأيت وفاته بخط أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي الْأَنْصَارِيّ.
أديب، روى ببغداد شيئا من الأناشيد، كتب عنه: أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب الأصبهاني في سنة ستين وخمسمائة.
كتب إليّ أبو عبد الله الأصبهاني ونقلته من خطه قال: أنشدني المهذب علي [1] بن هذاب العلثي ببغداد قال: أنشدني أبو الحسين بن منير الطرابلسي يعني لنفسه:
انحلا فصد عن الحميم وما احتلا ... ورأى الحمام نفعه فتوشلا
ما كان واديه بأول مرتفع ... دعوت طلاوته طلاه فأجفلا
وإذا الكريم رأى الخمول نزيله ... في منزل فالحزم أن يترحلا
ساهمت عيسك مر عيشك قاعدا ... أفلا فليت بهن ناصية الفلا
لا ترض من دنياك ما أدناك من ... دنس وكن طيفا جلا ثم انجلى