الكسروي، عن الجاحظ قال: قال لي ثمامة: كنت في مجلس المأمون إذ دخل أبو العتاهية فأنشد شعرا استحسنه المأمون، ثم قال بعقب شعره: يعرض لي يا أمير المؤمنين ما في الأرض قوم أشقى من القدرية ولا أضعف حجة، فقال له المأمون: أنت رجل شاعر وأنت بالشعر أبصر منك بالكلام، فقال: لو جمع أمير المؤمنين بيني وبين واحد منهم لعرف موضعي، فقال له المأمون: فهذا ثمامة فناظره! فنظر إليّ أبو العتاهية وتبسم كالمستهزئ فاغتظت عليه، فقال: يا أمير المؤمنين! أقطعه في أول كلمة، قال:
شأنك! فنظر يده فحركها ثم قال: من حرك يدي؟ قلت: من أمه فاعلة، فقال: زنا بي [1] أمير المؤمنين، قلت: ناقضت يا ماص بظر أمه، فضحك المأمون ضحكا ما رأيته ضحك مثله قط، فقلت له: ويلك إن كان المحرك ليدك غيرك فلم أزنك وإن كنت أنت المحرك لها فأنت على قولي، فأفحم، فلما كان بعد أيام لقيني فقال: يا أبا معن! ما كانت لك في الحجة مندوحة عن السفه، فقلت له: إن خير الكلام ما جمع الحجة والانتقام.
قرأت على محمد بن عبد الواحد بن أحمد، عن محمد بن عبيد الله بن نصر، أنبأنا محمد بن محمد بن أحمد الشاهد إذنا، عن مُحَمَّدُ بْنُ عمران بن مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنِي عبد الله بن يحيى السّكّري، أخبرني أحمد بن سعيد الدمشقي قال: كتب عبد الله بن المعتز إلى علي بن مهدي:
أبا حسن أنت ابن مهدي فارس ... فرفقا بنا لست ابن مهدي هاشم
وأنت أخ في يوم لهو ولذة ... ولست أخا عند الأمور العظائم
أجابه علي:
أيا سيدي [إن] [2] ابن مهدي فارس ... فداء ومن يهوى لمهدي بن هاشم
بلوت أخا في كل أمر تحبه ... ولم تبله عند الأمور العظائم
وإنك لو نبهته لملمة ... لأنساك صولات الأسود الضراغم
أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْمُؤَدِّبُ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ محمد بن الحسن الماوردي، أنبأنا القاضي أبو العباس أحمد بن محمد الجرجاني، أنشدنا الرئيس ما سرجس بن عيسى النصراني بالبصرة، أنشدني الكسروي الشاعر لنفسه: