أَحْمَد بن الحسين اليزدي بغدادي، فقيه فاضل زاهد، حسن السيرة جميل الطريقة عزيز النفس، سخي الطبع بما يملكه، قانع بما هُوَ فِيهِ، كثير الصوم والعبادة، صنف تصانيف فِي الفقه وأورد فيها أحاديث مسندة عن شيوخه، كتب إلي [1] أجزاء بخطه، وسَمِعْتُ مِنْهُ وسمع مني، وكان حسن الأخلاق دائم البشر متواضعًا كَثِير المحفوظ، وكان لَهُ عمامة وقميص بينه وبين أخيه، إِذَا خرج ذاك قعد هَذَا فِي البيت، وإذا خرج ذاك احتاج هَذَا إلى أن يقعد، سمعته يَقُولُ: وَقَدْ دخلت عَلَيْهِ مَعَ علي بْن الْحُسَيْن الغزنوي الواعظ مسلمًا داره فوجدناه عريانًا متزرًا بمئزر، فاعتذر من العرى وقَالَ: نَحْنُ إِذَا غسلنا نكون كما قَالَ القاضي أَبُو الطيب [2] الطبري:
قوم إِذَا غسلوا ثياب جمالهم ... لبسوا البيوت إلى فراغ الغاسل
سَأَلت عن مولده، فَقَالَ: فِي سنة ثلاث أَوْ أربع وسبعين وأربعمائة بيزد- الشك مِنْهُ. سَمِعْتُ أبا يعلى حمزة بْن علي الحراني المقرئ يَقُولُ: كَانَ شيخنا أبو الحسن علي ابن أَحْمَد اليزدي يَقُولُ: إِذَا أَنَا [3] مت فلا تدفنوني إلا بعد ثلاث، فإني أخاف أن يكون فِي سكتة [4] ، قَالَ: وكان حثيثًا صاحب بلغم، وكان يصوم رجبًا من كل سنة، فلما كَان قبل رجب بالمحرم فِي السنة التي توفي بها قَالَ لنا: كنت قَدْ وصيتكم بأمر وقد رجعت عَنْهُ، إِذَا أَنَا مت فادفنوني فِي الحال، فإني قَدْ رَأَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النوم وهو يقول: يا علي صم رجبًا [وأفطر] [5] عندنا! قَالَ: فمات ليلة رجب- رحمة اللَّه عَلَيْهِ.
قرأت فِي كتاب أَبِي الفضل أَحْمَد بن صالح بن شافع الجيلي بخطه قال: توفي شيخنا أَبُو الْحَسَن علي بْن أَحْمَد بْن محمويه اليزدي يَوْم الأحد التاسع والعشرين من جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وخمسمائة وصلى عَلَيْهِ يَوْم الاثنين، ودفن مقابل جامع المنصور، وكان من مشايخنا النبل الثقات الأئمة، وجمع وصنف، وكان حسن