كانت معروفة بالخير والإفضال على أهل العلم، والبر للفقراء والمساكين، ولَها آثار كثيرة في طريق مكة من مصانع حفرتْها، وبرك أحدثتها. وكذلك بِمكة والمدينة، وليس في بنات هاشم عباسية ولدت خليفة إلا هي. ويقال إنها وُلدت في حياة المنصور، فكان المنصور يرقصها وهي صغيرة، فيقول لَها أنت زُبدة، وأنت زُبيدة.
فغلب ذلك على اسمها.
أَخْبَرَنِي عَبْد العزيز بْن علي الورّاق، حدثنا أحمد بن محمّد بن عمران، حدثنا عبد الله بن سليمان، حَدَّثَنَا هارون بْن سُلَيْمَان قَالَ: حَدَّثَنَا رجلٌ من ثقيف يقال له محمّد ابن عَبْد الله قَالَ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر بْن سُلَيْمَان يَقُولُ: حجت أم جَعْفَر فبلغت نفقتها فِي ستين يومًا أربعة وخمسين ألف ألف.
أَنْبَأنَا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر الخالع، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السّريّ الهمدانيّ الورّاق، أخبرنا جحظة، أَخْبَرَنِي أَبُو دهقانة قَالَ: سمعتُ الفضل بْن مروان يَقُولُ: قَالَتْ زُبيدة للمأمون- عِنْدَ دخوله بغداد: أهنيك بخلافة قد هنَّأت نفسي بِهَا عنك قبل أن أراك، ولئن كنت قد فقدت ابنًا خليفة لقد عوضت ابنًا خليفة لَم ألده، وما خسر من اعتاض مثلك، ولا ثكلت أم ملأت يدها منك. وأنا أسأل الله أجرا على ما أخذ، وامتنانا بما عوض.
أنبأنا إبراهيم بن مخلد، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن علي الْخُطَبي قَالَ: ماتت أم جَعْفَر بِنْت جَعْفَر بْن أبي جَعْفَر- واسمها زُبيدة- ببغداد فِي جمادى الأولى سنة ست عشرة- يعني ومائتين-.
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَلالُ- لَفْظًا- قَالَ: وجدتُ بِخط أبي الفتح القواس حَدَّثَنَا صدقة بْن هبيرة الْمَوْصِليّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الله الواسطي قَالَ: قال عبد الله ابن المبارك الزمن: رأيتُ زبيدة فِي المنام. فقلت: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَتْ: غفر لي بأول معول ضُربَ فِي طريق مكة. قلت: فما هذه الصفرة فِي وجهك؟ قَالَتْ: دُفِنَ بين ظهرانينا رجلٌ يُقال لَهُ بشر المريسي، زفرت جهنم عليه زفرة فاقشعر لها جلدي، فهذه الصفرة من تِلْكَ الزفرة.