وَأَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ رَامِينَ- وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ لَهُ- قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن معاذ المعروف بابن شاذان المقرئ، حَدَّثَنَا الْمُظَفَّرُ بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَكْلَبَةُ بْنُ مَلْكَانَ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقاتله الْمُشْرِكُونَ قِتَالا شَدِيدًا حَتَّى حَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ، وَنَزَلُوا هُمْ عَلَى الْمَاءِ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَطْشَانَ رَجْفَانَ قَدْ خَلَعَ ثِيَابَهُ وَاتَّزَرَ بِرِدَاءٍ لَهُ وَاسْتَلْقَى عَلَى ظَهْرِهِ، فَأَخَذْتُ إِدَاوَةً لِي وَمَضَيْتُ فِي طَلَبِ الْمَاءِ حَتَّى أَتَيْتُ أَرْضًا ذَاتَ رَمْلٍ، فَإِذَا طَائِرٌ يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ شِبْهُ الدُّرَّاجِ- أَوِ الْقَبَجِ- فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَطَارَ، فَنَظَرْتُ إِلَى مَوْضِعِهِ فَإِذَا فِيهِ نَدَاوَةٌ تَنْدَى، فَخَرَقْتُ بِيَدِي خَرْقًا عَمِيقًا فَنَبَعَ مَاءٌ فَشَرِبْتُ حَتَّى رُوِيتُ، وَتَوَضَّأْتُ وَمَلأْتُ الإِدَاوَةَ وَأَقْبَلْتُ حَتَّى أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَمَّا رَآنِي قَالَ لِي: «يَا مَكْلَبَةُ أَمَعَكَ مَاءٌ؟» قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ:
«إِلَيَّ إِلَيَّ» ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَنَاوَلْتُهُ الإِدَاوَةَ فَشَرِبَ حَتَّى رَوِيَ، وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا مَكْلَبَةُ ضَعْ يَدَكَ عَلَى فُؤَادِي حَتَّى يَبْرُدَ» فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى فُؤَادِهِ حَتَّى بَرَدَ، ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا مَكْلَبَةُ عَرَفَ اللَّهُ لَكَ هَذَا» فَنَحَّيْتُ يَدِي عَنْ فُؤَادِهِ فَإِذَا هِيَ تَسْطَعُ نُورًا، فَكَانَ مَكْلَبَةُ يُوَارِي يَدَهُ بِالنَّهَارِ كَرَاهَةَ أَنْ تَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَيَتَأَذَّى، فَإِذَا رَآهُ مَنْ لا يَعْرِفُهُ حَسِبَ أَنَّهُ أَقْطَعُ» [1] .
قَالَ لَنَا الْمُظَفَّرُ: فَلَقِيتُ مَكْلَبَةَ بِاللَّيْلِ فَصَافَحْتُهُ فَإِذَا يَدُهُ تَسْطَعُ نُورًا. هَذَا آخِرُ حَدِيثِ ابْنِ رَامِينَ.
وزاد الصّيرفيّ في روايته قال المظفّر: لقيت مكلبة وَلِي ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْمُظَفَّرُ: وُلِدْتُ فِي آخِرِ خِلافَةِ بَنِي أُمَيَّةَ فِي خِلافَةِ مَرْوَانَ الْحَمَّارِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ الَّتِي صَارَ الْمُلْكُ إِلَى وَلَدِ الْعَبَّاسِ، وَأَوَّلُ مَنْ وَلِيَ مِنْهُمْ أَبُو الْعَبَّاسِ السَّفَّاحُ.
وَذَكَرَ الْمُظَفَّرَ أَنَّهُ سَقَطَتْ أَسْنَانُهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ عَلَى الْكِبَرِ، وَمَوْلِدُهُ الْكُوفَةُ، وَمَنْشَؤُهُ خُرَاسَانُ وَالْجِبَالُ، وَذُكِرَ أَنَّهُ كَانَ يَتَصَعْلَكُ.
حدث عن أبي بكر المروذي. روى عنه أبو الحسين بن أخي ميمي.
أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْمُحَسِّنِ التَّنُوخِيُّ، حدّثنا مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أخي ميمي، حَدَّثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ مُظَفَّرُ بْنُ السَّرِيِّ الْكَاتِبُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ الْمَرُّوذِيُّ