قلبك، ولا يستخفنك ما قد بلغك، أنا الذي أقول:
يا أعظم الناس عفوًا عند مقدرة ... وأظلم الناس عند الجود للمال
لو يصبح النيل يجري ماؤه ذَهبًا ... لَما أشرت إلى خزن بمثقال
تعني بما فِيهِ رق الحمد تملكه ... وليس شيء أعاض الحمد بالغالي
تَفُك باليسر كُفَّ الْعُسْر من زمن ... إذا استطالَ عَلَى قوم بإقلال
لَمْ تُخْلِ كفَّكَ من جود لمختبط ... أو مرهف قاتل فِي رأس قتَّال
وما بثثت رَعيل الخيل فِي بلد ... إلا عصفن بأرزاق وآجال
هَلْ من سبيل إلى إذن فقد ظمئت ... نفسي إليك فما تروى إلى حال
إن كنت منك عَلَى بال مننت بِهِ ... فإن شكرك من حمدي عَلَى بال
ما زلتُ مُقتضيًا لولا مجاهرة ... من ألسن خُضْنَ فِي صبري بأقوال
قَالَ: فضحك عبد اللَّه وسر بِما كان منه. وقَالَ: يا أبا السمراء باللَّه أقرضني عشرة آلاف دينار فما أمسيت أملكها، فأقرضه فدفعها إليه.
حَدَّثَنِي الجوهريّ، حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزّاز، حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بن أبي طاهر، حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ طَاهِرٍ لَمَّا خَرَجَ إِلَى الْمَغْرِبِ، كَانَ مَعَهُ كَاتِبُهُ أَحْمَدُ بْنُ نَهِيكٍ، فَلَمَّا نَزَلَ دِمَشْقَ أُهْدِيَتْ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ نَهِيكٍ هَدَايَا كَثِيرَةً فِي طَرِيقِهِ وَبِدِمَشْقَ، وَكَانَ يُثْبِتُ كُلَّ مَا يُهْدَى إِلَيْهِ فِي قِرْطَاسٍ وَيَدْفَعُهُ إِلَى خَازِنٍ لَهُ، فَلَمَّا نَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرٍ دِمَشْقَ أَمَرَ أَحْمَدَ بْنَ نَهِيكٍ أن يعود عَلَيْهِ بِعَمَلٍ كَانَ أَمَرَهُ أَنْ يَعْمَلَهُ، فَأَمَرَ خَازنه أن يخرج إليه قرطاسًا فيه العمل الذي أمر بإخراجه ويضعه في المحراب بين يديه لئلا ينساه وقت ركوبه في السحر، فغلط الخازن فأخرج إليه القرطاس الذي فيه ثبت ما أهدي إليه فوضعه في المحراب، فلما صلى أَحْمَد بن نهيك الفجر أخذ القرطاس من المحراب ووضعه في خفه، فلما دخل على عبد اللَّه سأله عما تقدم إليه من إخراجه العمل الذي أمره به، فأخرج الدرج من خفه فدفعه إليه، فقرأه عبد اللَّه من أوله إلى آخره، وتأمله ثم أدرجه ودفعه إلى أَحْمَد بن نهيك وقَالَ له: ليس هذا الذي أردت، فلما نظر أَحْمَد بن نهيك فيه أسقط في يديه، فلما انصرف إلى مضربه وجه إليه عبد اللَّه بن طاهر يعلمه أنه: قد وقفت على ما في القرطاس فوجدته سبعين ألف دينار، وأعلم أنه قد لزمتك مئونة عظيمة غليظة في خروجك، ومعك