أو مال واقسمه بَيْنَ مَنْ حَضَرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَاتْرُكِ الأَرَضِينَ وَالأَنْهَارَ لِعُمَّالِهَا لِيَكُونَ ذَلِكَ فِي أُعْطِيَاتِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّكَ إِنْ قَسَّمْتَهَا بَيْنَ مَنْ حَضَرَ لَمْ يَكُنْ لمن بقي بعدهم شيء [1] .

اختلف الفقهاء في الأرض التي يغنمها المسلمون ويقهرون العدو عليها. فذهب بعضهم: إلى أن الإمام بالخيار بين أن يقسمها على خمسة أسهم فيعزل منهم السهم الذي ذكره الله تعالى في آية الغنيمة فقال: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ

[الأنفال 41] الآية. ويقسم السهام الأربعة الباقية بين الذين افتتحوها؛ فإن لم يختر ذلك وقف جميعها كما فعل عُمَر بْن الخطاب في أرض السواد.

وممن ذهب إلى هذا القول: أبو حنيفة النعمان بن ثابت وسفيان بن سعيد الثوري.

وَقَالَ مالك بْن أنس: تصير الأرض وقفا بنفس الاغتنام ولا خيار فيها للإمام.

وَقَالَ مُحَمَّد بْن إدريس الشافعي: ليس للإمام إيقافها وإنما يلزمه قسمتها؛ فإن اتفق المسلمون على إيقافها ورضوا ألا تقسم جاز ذلك. واحتج من ذهب إلى هذا القول بما روي أن عُمَر بْن الخطاب قسم أرض السواد بين غانميها وحازوها؛ ثم استنزلهم بعد ذلك عنها واسترضاهم منها ووقفها.

فأما الأحاديث التي تقدمت بأن عُمَر لم يقسمها فإنها محمولة على أنه امتنع من إمضاء القسم واستدامته بأن انتزع الأرض من أيديهم، أو أنه لم يقسم بعض السواد وقسم بعضه ثم رجع فيه.

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السكري قال أنبأنا إسماعيل بن محمّد الصّفّار قال نبأنا الحسن بن على بن عفان قال نبأنا يحيى بن آدم قال نبأنا ابن أبي زيدة عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ. قَالَ: كُنَّا رُبْعَ النَّاسِ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ فَأَعْطَانَا عُمَرُ رُبْعَ السَّوَادِ فَأَخَذْنَاهُ ثَلاثَ سِنِينَ، ثُمَّ وَفَدَ جَرِيرٌ إِلَى عُمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ. فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ، لَوْلا أَنِّي قَاسِمٌ مَسْئُولٌ لَكُنْتُمْ عَلَى مَا قُسِّمَ لَكُمْ، فأرى أن تردوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ؛ فَفَعَلَ. وَأَجَازَهُ بِثَمَانِينَ دِينَارًا [2] .

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قال أنبأنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبَغَوِيُّ قال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015