وكان جده مجوسيا اسمه محمى من أهل بيضاء فارس. نشأ الْحُسَيْن بواسط، وقيل بتستر وقدم بَغْدَاد، فخالط الصوفية وصحب من مشيختهم الجنيد بن مُحَمَّد، وأبا الحسين النوري، وعمرا المكي.
والصوفية مختلفون فيه، فأكثرهم نفى الحلاج أن يكون منهم، وأبَى أن يعده فيهم، وقبله من متقدميهم أَبُو الْعَبَّاس بن عطاء الْبَغْدَادِيّ، ومحمّد بن حنيف الشيرازي، وإبراهيم بن مُحَمَّد النصراباذي النَّيْسَابُورِيّ. وصححوا لَهُ حاله، ودونوا كلامه، حتى قَالَ ابن حفيف: الْحُسَيْن بن مَنْصُور عالم رباني. ومن نفاه عَنِ الصوفية نسبه إِلَى الشعبذة فِي فعله، وإلى الزندقة فِي عقده. وله إِلَى الآن أصحاب ينسبون إليه، ويغلون فيه. وكان للحلاج حسن عبارة، وحلاوة منطق، وشعر عَلَى طريقة التصوف، وأنا أسوق أخباره عَلَى تفاوت اختلاف القول فيه.
حَدَّثَنِي أَبُو سعيد مسعود بن ناصر بن أبي زيد السجستاني، أنبأنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد عَبْد اللَّهِ بْن عبيد الله بن باكوا الشّيرازيّ- بنيسابور- أخبرني أحمد بن الحسين ابن مَنْصُور بتستر قَالَ: مولد والدي الْحُسَيْن بن مَنْصُور بالبيضاء فِي موضع يقال لَهُ الطور، ونشأ بتستر، وتلمذ لسهل بن عَبْد اللَّهِ التستري سنتين، ثم صعد إِلَى بَغْدَاد وكان بالأوقات يلبس المسوح، وبالأوقات يمشي بخرقتين مصبغ، ويلبس بالأوقات الدراعة والعمامة، ويمشي بالقباء أيضا عَلَى زي الجند، وأول ما سافر من تستر إِلَى البصرة كَانَ لَهُ ثمان عشرة سنة، ثم خرج بخرقتين إِلَى عمرو بن عُثْمَان المكي، وإلى الجنيد بن مُحَمَّد، وأقام مع عمرو المكي ثمانية عشر شهرا، ثم تزوج بوالدتي أم الْحُسَيْن بنت أَبِي يَعْقُوب الأقطع، وتعير عمرو بن عُثْمَان من تزويجه، وجرى بين عمرو وبين أَبِي يَعْقُوب وحشة عظيمة بذلك السبب. ثم اختلف والدي إِلَى الجنيد بن مُحَمَّد وعرض عليه ما فيه من الأذية لأجل ما يجري بين أَبِي يَعْقُوب وبين عمرو، فأمره بالسكون والمراعاة، فصبر عَلَى ذلك مدة. ثم خرج إِلَى مكة وجاور سنة ورجع