الجزء الأول
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالمين على جزيل نعمائه، والصلاة والسلام على سيد رسله وأنبيائه، سيدنا محمد النبي الأمي أشرف ذى نسب، وأكرم ذى حسب، وعلى آله وأصحابه البدور الكواكب، وعلى أتباعه وأنصاره النجوم الثواقب إلى يوم الدين.
وبعد، فهذا كتاب «تاريخ بغداد» للحافظ الخطيب البغدادي والذي يعتبر من أهم وأكبر مؤلفاته حيث يضم 7831 ترجمة للمحدثين وأرباب العلوم الأخرى ورجالات المجتمع والدولة الذين عاشوا ببغداد أو زاروها منذ إنشائها حتى عصره.
فهو كتاب يعكس مدى نشاط المحدثين ببغداد بحيث تتضاءل جهود أرباب العلوم والأدب الأخرى أمامهم، وقد ارتفع شأن المحدثين ببغداد بعد تأسيسها بفترة وجيزة، واستمرت تنجب أعلام المحدثين على مرّ القرون، فكان منها: أحمد بن حنبل، ويحيى ابن معين في القرن الثالث، والدارقطنيّ في القرن الرابع، وأبو بكر البرقاني وأبو القاسم الأزهرى ثم الخطيب البغدادي في القرن الخامس. لذلك قصدها طلاب الحديث من أقاصى المشرق والمغرب فكان الاتصال بين بغداد والمدن الأخرى، وازدهرت الحركة الفكرية ببغداد، وساعد على ازدهارها وجود المكتبات العامة والمدارس الخاصة بالفقه أو علوم القرآن أو الحديث.
ونحن إذ نقدم ل «تاريخ بغداد» فلا بد أن نتعرض لمؤلفه الخطيب البغدادي، ثم نتناول كتابه بالدراسة والتحليل في الصفحات التالية:
هو أبو بكر أحمد بن علي بْن ثابت بْن أَحْمَد بْن مهدي، ذكر ابن النجار- فيما نقله ابن قاضى شهبة- أنه ولد في غزية من أعمال الحجاز، وذكر الصفدي أنه ولد في قرية من أعمال نهر الملك بهنيقة [1] .