7289 - والبة بن الحباب أَبُو أسامة الشاعر من بني نصر بن قعين بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة ابن مدركة بن الياس بن مضر، وهو كوفي، وكان من الفتيان الخلعاء المجان، وله شعر في الغزل والشراب، وغير ذلك، ولما مات رثاه أَبُو نواس، وكان والبة أستاذه.
فحَدَّثَنِي أَبُو القاسم الأَزْهَرِيّ، لفظا قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن إبراهيم بن الحسن، قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد الله بن عَبْد الرَّحْمَن السكري، قَالَ: أَخْبَرَنَا عبيد الله بن أبي سعد، قال: حَدَّثَنِي علي بن الحسن الشيباني، قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن يحيى الدهقان، عن عمه، قال: ولي عمي خراج الأهواز، فأخرج معه والبة بن الحباب، وكان يأنس به، فوجهه إلى البصرة ليشتري له بها حوائج، وكان فيما يشتري له بخورا، فصار إلى سوق العطارين، فاشترى منها عودا هنديا، وكان أَبُو نواس يبري العود وهو غلام، فاحتيج إليه في بري ذلك العود وتنقيته، فلما رآه والبة كاد أن يذهب عقله عليه، فلم يزل يخدعه حتى صار إليه، فحمله إلى الأهواز، وقدم به إلى الكوفة بعد منصرفهم فشاهد معه أدباء الكوفة في ذلك الوقت، فتأدب بأدبهم.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الطيب الطبري، قَالَ: حَدَّثَنَا المعافى بن زكريا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بن إِسْمَاعِيل بن القاسم الشرقي، قَالَ: حَدَّثَنِي الحَسَن بن سلام السكوني، قَالَ: أَخْبَرَنِي إبراهيم بن جناح المحاربي، قال: سمعت أبا نواس، يقول: سبقني والبة إلى بيتين من شعر قالهما، وددت أني كنت سبقته، وأن بعض أعضائي اختلج مني:
وليس فتى الفتيان من راح أو غدا لشرب صبوح أو لشرب غبوق
ولكن فتى الفتيان من راح أو غدا لضر عدو أو لنفع صديق
وقدم والبة بغداد بأخرة، وجرى بينه وبين أبي العتاهية مهاجاة حتى خرج عن بغداد فرارا من أبي العتاهية.
قرأت على الجوهري، عن مُحَمَّد بن عمران بن موسى، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن يحيى الصولي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن موسى، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد ابن القاسم، قَالَ: حَدَّثَنِي إسحاق بن إبراهيم السالمي الكوفي، قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن عُمَر الجرجاني، قال: رأيت أبا العتاهية جاء إلى أبي، فقال له: إن والبة بن الحباب قد هجاني، ومن أنا منه؟ أنا جرار مسكين، فجعل يرفع من والبة ويضع من نفسه، فأحب أن تكلمه أن يمسك عني، قال: فكلم أبي والبة في أمره، وقال له: تكف عنه، وعرفه أن أبا العتاهية جاءه وسأله ذلك، فلم يقبل، وجعل يشتم أبا العتاهية، فتركه، ثم جاءه أَبُو العتاهية، فسأله عما عمل في حاجته، فأخبره بما رد عليه والبة، فقال لأبي لي الآن إليك حاجة، قال: وما هي؟ قال: لا تكلمني في أمره، قال: قلت: هذا أقل ما يجب لك، قال: فقال أَبُو العتاهية يهجوه:
أوالب أنت في العرب كمثل الشيص في الرطب
هلم إلى الموالي الصيد في سعة وفي رحب
فأنت بنا لعمر الله أشبه منك بالعرب
غضبت عليك ثم رأيت وجهك فانجلى غضبي
لما ذكرتني من لون أجدادي ولون أبي
قال: وكان والبة أشقر اللون، والشعر أبيض، فأخرجه أَبُو العتاهية بلونه من العرب، وأضافه إلى الموالي، وعيره بالشقرة إذ كانت من ألوان العجم دون العرب، وقال فيه أيضا:
نطقت بنو أسد ولم تظهر وتكلمت سرا ولم تجهر
أما ورب البيت لو جهرت لتركتها وصباحها أغبر
أيروم شتمي منهم رجل في وجهه عبر لمن فكر
وابن الحباب صليبة زعموا ومن المحال صليبة أشقر
ما بال من آباؤه عرب الألوان يحسب من بني قيصر
أترون أهل البدو قد مسخوا شقرا أما هذا من المنكر؟
أكذا خلقت أبا أسامة أم لطخت سالفتيك بالعصفر؟
قال: فبلغ الشعر والبة، فجاء إلى أبي، فقال له: قد كلمتني في أبي العتاهية، وقد رغبت في الصلح، فقال له: هيهات، إنه قد أكد علي إذ لم تقبل ما طلب، أن أخلي بينك وبينه، وقد فعلت، فقال والبة: فما الرأي عندك، فقد فضحني وهتكني؟ قال: أرى أن تخرج الساعة إلى الكوفة.
قال: فركب زورقا، ومضى من بغداد إلى الكوفة.