465 - محمد أمير المؤمنين المعتز بالله بن جعفر المتوكل على الله بن محمد المعتصم بالله يكنى أبا عبد الله وقيل إن اسمه الزبير، وكان مولده بسر من أرى، فأنبأني إبراهيم بن مخلد، قَالَ: أخبرنا إسماعيل بن علي أن المعتز بالله ولد في شهر ربيع الأخر سنة اثنتين وثلاثين ومائتين.
وَأَخْبَرَنَا الحسين بن علي الحنفي، قَالَ: أخبرنا الحسين بن هارون الضبي، قَالَ: أخبرنا محمد بن عمر الحافظ أن مولد المعتز يوم الخميس الحادي عشر من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.
قَالَ: وكان منزله بسر من رأى.
قلت: والقول الأول عندنا أصح.
بويع المعتز بسر من رأى عند خلع المستعين.
وَأَخْبَرَنَا عبد العزيز بن علي، قَالَ: أخبرنا محمد بن أحمد المفيد، قَالَ: حدثنا أبو بشر الدولابي قَالَ: أَخْبَرَنِي جعفر بن علي الهاشمي، قَالَ: خرج أحمد الإمام المتسعين بالله أمير المؤمنين من سر من رأى يوم الأحد لخمس خلون من المحرم سنة إحدى وخمسين ومائتين إلى بغداد، فوثب أهل سر من رأى فبايعوا لأبي عبد الله المعتز بالله.
قَالَ أبو بشر: وَأَخْبَرَنِي أبو موسى العباسي، قَالَ: لما أنزل المعتز بالله من لؤلؤة وبويع له، ركب إلى أمه وهي في القصر المعروف بالهاروني، فلما دخل عليها وسألته عن خبره، قَالَ لها: قد كنت كالمريض المدنف، وأنا الآن كالذي وقع في النزع، يعني أنه قد بويع له بسر من رأى، والمستعين خليفة مجتمع عليه في الشرق والغرب.
وَقَالَ أبو بشر: أَخْبَرَنِي علي بن الحسن بن علي، قَالَ: لما سأل الأتراك المستعين بالله الرجوع إلى سر من أرى فأبى عليهم، قدموا سر من رأى يوم الأربعاء لثلاث عشرة ليلة خلت من المحرم، فاجتمع الموالي وكسروا باب لؤلؤة، وأنزلوا المعتز بالله فبايعوه وخلعوا المستعين، فركب المعتز بالله إلى دار العامة يوم الخيمس في المحرم سنة إحدى وخمسين ومائتين، فبايعه الناس، وعقد لنفسه لواء أسود، وخلع على إبراهيم المؤيد بالله، وعلى أحمد المعتمد على الله، وعلى أبي أحمد الموفق، وأنهضه إلى بغداد مطالبا بيعته التي أكدها له المتوكل على الله في أعناقهم، ومعه جماعة من الفقهاء فشخص أبو أحمد يوم السبت لسبع بقين من المحرم، وحصن محمد بن عبد الله بن طاهر بغداد، ورم سورها، وأصلح أبوابها.
وعسكر أبو أحمد بالشماسية ووقع الحرب يوم السبت للنصف من صفر، واتصلت الوقائع.
قَالَ أبو بشر: وسمعت جعفر بن علي الهاشمي، يقول: بويع المعتز يوم الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة خلت من المحرم، وتوجه أبو أحمد بن المتوكل على الله إلى بغداد في عشرة آلاف من سر من رأى، فواقع أهل بغداد فقتل من الفريقين خلق عظيم، وكانت هذه السنة فتنة المعتز والمستعين.
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أبو موسى العباسي، قَالَ: لما وجه المعتز بالله أخاه أبا أحمد الموفق فحصرهم، وأقام المستعين بالله بغداد إلى أن خلع سنة، واشتد الحصار على أهل بغداد، وقد كان أهل بغداد لما دخل إليهم المستعين أحبوه ومالوا نحوه غاية الميل، حتى نزل بهم من الحصار ما نزل، ونسبوا محمد بن عبد الله بن طاهر إلى المداهنة في أمر المستعين بالله، وهاجموا منزله يريدون نفسه.
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي علي بن الحسن بن علي، قَالَ: شرع في خلع المستعين بالله، فوثبت العامة على محمد بن عبد الله بن طاهر، وتذمرت عليه، ونقل المستعين بالله من داره إلى الرصافة.
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أبو موسى العباسي، قَالَ: فدس محمد بن عبد الله بن طاهر إلى المستعين بالله من يعرض له بالخلع على أنه يتوثق له من المعتز بالله ويسلم إليه الأمر، وكان المستعين بالله رجلا صالحا ضعيفا، فأجاب المستعين بالله إلى ذلك وكره الدماء بعد أن لم يجد ناصرا.
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي جعفر بن علي، قَالَ: خلع أحمد المستعين بالله نفسه من الخلافة في المحرم أول سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
أَخْبَرَنَا الحسن بن أبي بكر، قَالَ: أخبرنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، قَالَ: أخبرنا عمر بن حفص، قَالَ: ودعي للمعتز ببغداد يوم الجمعة لثلاث خلت من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
أَخْبَرَنَا محمد بن أحمد بن رزق، قَالَ: أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق، قَالَ: حدثنا محمد بن أحمد بن البراء، قَالَ: ثم استخلف المعتز بالله أبو عبد الله محمد بن المتوكل على الله قَالَ إبراهيم بن العباس:
الله أظهر دينه وأعزه بمحمد
والله أكرم بالخلافة جعفر بن محمد
والله أيد عهده بمحمد ومحمد
ومؤيد لمؤيدين إلى النبي محمد
أَخْبَرَنَا عبد العزيز بن علي، قَالَ: أخبرنا محمد بن أحمد المفيد، قَالَ: حدثنا أبو بشر الدولابي، قَالَ: أَخْبَرَنِي جعفر بن علي بن إبراهيم، قَالَ: كانت الجماعة على أبي عبد الله المعتز بالله، واسمه الزبير بن جعفر بن محمد، وأمه قبيحة أم ولد رومية، في المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
وإنما تحسب أيام ملكه منذ يوم خلع المستعين.
وَقَالَ أبو بشر: سمعت أبا الجعد، يقول: اسم المعتز بالله الزبير، ويقال: محمد.
وَقَالَ: أَخْبَرَنِي جعفر بن علي الهاشمي، قَالَ: كان المعتز بالله رجلا طويلا جسيما وسيما، أبيض مشربا حمرة، أدعج العينين حسنهما، أقنى الأنف، حسن الوجه، مليحا جعد الشعر، كث اللحية، مدور الوجه، حسن المضحك، شديد سواد الشعر، أكحل العينين، مات وهو ابن أربع وعشرين سنة.
وكان قاضية الحسن بن أبي الشوارب، ونقش خاتمه: محمد رسول الله.
وله خاتم آخر نقشه: المعتز بالله.
(397) -[2: 490] أخبرنا أَبُو سَعْدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ السَّمَّانُ، لَفْظًا بِالرَّيِّ، قَالَ: حدثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الشَّافِعِيُّ بِسَامَرَّا، قَالَ: حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَسَّانٍ، قَالَ: حدثنا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْمُعْتَزِّ بِاللَّهِ، فَمَا رَأَيْتُ خَلِيفَةً كَانَ أَحْسَنَ وَجْهًا مِنْهُ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ سَجَدْتُ، فَقَالَ: يَا شَيْخُ يُسْجَدُ لأَحَدٍ مِنْ دُونِ اللَّهِ؟ قُلْتُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ النَّبِيلُ، قَالَ: حدثنا بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى مَا يَفْرَحُ بِهِ، أَوْ بُشِّرَ بِمَا يَسُرُّهُ، سَجَدَ شُكْرًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَخْبَرَنِي أبو القاسم الأزهري، قَالَ: حدثنا عبيد الله بن محمد المقرئ، قَالَ: حدثنا محمد بن يحيى الصولي، قَالَ: حَدَّثَنِي أبو الغوث بن البخترى، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، قَالَ: نظر إلي المعتز وأنا أنظر في وجهه، فقال: إلى أي شيء تنظر؟ قلت: إلى كمال أمير المؤمنين في جمال وجهه، وجميل أفعاله.
حَدَّثَنِي الحسن بن أبي طالب، قَالَ: حدثنا عبيد الله بن أحمد بن علي، قَالَ: حدثنا يزداد بن عبد الرحمن، قَالَ: قَالَ لي الزبير بن بكار: صرت إلى أبي عبد الله المعتز بالله وهو أمير، فلما علم بمكاني خرج مستعجلا فعثر، فأنشا يقول:
يموت الفتى من عثرة بلسانه وليس يموت المرء من عثرة الرجل
أَخْبَرَنِي عبيد الله بن أبي الفتح، قَالَ: أخبرنا محمد بن العباس الخزاز، قَالَ: أنشدنا محمد بن خلف بن المرزبان، قَالَ: أنشدت للمعتز بالله:
الله يعلم يا حبيبي أنني مذ غبت عنك مدله مكروب
يدنو السرور إذا دنا بك منزل ويغيب صفو العيش حين تغيب
قلت: مكث المعتز بالله في الخلافة إلى أن خلع نفسه، وسلم الأمر للمهتدي بالله.
أَخْبَرَنَا محمد بن أحمد بن رزق، قَالَ: أخبرنا عثمان بن أحمد، قَالَ: قَالَ ابن البراء: كانت خلافه المعتز إلى أن خلع يوم الاثنين، لثلاث بقين من رجب، سنة خمس وخمسين ومائتين أربع سنين وستة أشهر وأربعة عشر يوما، وعمره ثلاثا وعشرين سنة، وأظهر قبره وبقى الأمير يومين، يعني بعد قتله، حتى استخلف المهتدي بالله.
أَخْبَرَنَا علي بن أحمد بن عمر المقرئ، قَالَ: أخبرنا علي بن أحمد بن أبي قيس الرفاء، قَالَ: حدثنا ابن أبي الدنيا، قَالَ: بويع المعتز بالله في المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين عند خلع المستعين بالله، ومات في يوم الثاني من شهر رمضان بسر من رأى، ودفن بموضع يقال له: باب السميدع سنة خمس وخمسين ومائتين، وله ثلاث وعشرون سنة.
وكانت خلافة المعتز بالله من يوم دعى له بالخلافة ببغداد إلى يوم دفن ثلاث سنين وسبعة أشهر إلا ثلاثة أيام.
هكذا ذكر ابن أبي الدنيا: أن وفاة المعتز كانت في شهر رمضان.
وَأَخْبَرَنَا الحسن بن أبي بكر، قَالَ: أخبرنا الشافعي، قَالَ: أخبرنا عمر بن حفص أن المعتز قتل يوم السبت ليومين من شعبان.
وَأَخْبَرَنَا عبد العزيز بن علي، قَالَ: أخبرنا المفيد، قَالَ: حدثنا أبو بشر الدولابي، قَالَ: أَخْبَرَنِي جعفر بن علي الهاشمي: أن المعتز بالله صلى عليه محمد بن الواثق المهتدي بالله، ودفن عند قبر المنتصر بالله يوم السبت لثلاث خلون من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين.