6544 - العباس بْن الفرج أَبُو الفضل الرياشي، مولى مُحَمَّد بْن سليمان بْن علي بْن عبد اللَّه بْن العباس بْن عبد المطلب من أهل البصرة، سمع الأصمعي، وأبا معمر المقعد، وعمرو بْن مرزوق.
روى عنه أَبُو إسحاق إبراهيم بْن إسحاق الحربي، وأبو بكر بْن أبي الدنيا، وأبو بكر مُحَمَّد بْن أبي الأزهري النحوي، وأبو بكر بْن دريد، وأبو روق الهزاني وغيرهم، وقدم بغداد، وحدث بها، وكان من الأدب وعلم النحو بمحل عال، وكان يحفظ كتب أبي زيد، وكتب الأصمعي كلها، وقرأ على أبي عثمان المازني كتاب سيبويه، فكان المازني، يقول: قرأ على الرياشي الكتاب، وهو أعلم به مني، وكان ثقة.
أَخْبَرَنَا الجوهري، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن العباس، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن القاسم الأنباري، قَالَ: حَدَّثَنَا الأسدي، يعني: أَحْمَد بْن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا العنزي، قَالَ: جاء أَبُو شراعة إلى الرياشي، فقال له: إن أبا العباس الأعرج قد هجاك، فقال:
إن الرياشي عباسا تعلم بي حوك القصيد وهذا أعجب العجب
يهدي لي الشعر حينا من سفاهته كالتمر يهدى لذات الليف والكرب.
فقال له الرياشي: ألا رددتم عني، أما سمعتم قول أبي نواس:
لا أعير الدهر سمعي أن يعيبوا لي حبيبا
لا ولا أحفظ عندي للأخلاء العيوبا
فإذا ما كان كون قمت بالغيب خطيبا
أحفظ الإخوان يوما يحفظوا منك المغيبا
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عبد الواحد بْن علي البزاز، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سعيد الحسن بْن عبد اللَّه السيرافي، قَالَ: الرياشي أَبُو الفضل عَبَّاس بْن الفرج مولى مُحَمَّد بْن سليمان بْن علي الهاشمي، ورياش رجل من جذام كان أَبُو عباس عبدا له، فبقي عليه نسبه إلى رياش، وكان عالما باللغة والشعر، كثير الرواية عَنِ الأصمعي، وروى أيضا عَنْ غيره، وقد أخذ عنه أَبُو العباس مُحَمَّد بْن يزيد، يعني: المبرد، وأبو بكر بْن دريد، وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْر بْن أبي الأزهر، وكان عنده أخبار الرياشي، قَالَ: كنا نراه يجيء إلى أبي العباس المبرد، في قدمة قدمها من البصرة، وقد لقيه أَبُو العباس ثعلب، وكان يفضله ويقدمه.
قَالَ أَبُو سعيد: ومات الرياشي فيما حَدَّثَنِي به أَبُو بَكْر بْن دريد سنة سبع وخمسين ومائتين بالبصرة، قتله الزنج.
أَخْبَرَنِي الحسن بْن شهاب العكبري إجازة، قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حمدان الفقيه، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر ابْن الأنباري، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد الأسدي، قَالَ: حَدَّثَنَا علي بْن أبي أمية، قَالَ: لما كان من دخول الزنج البصرة ما كان، وقتلهم بها من قتلوا، وذلك في شوال سنة سبع وخمسين ومائتين، بلغنا أنهم دخلوا على الرياشي المسجد بأسيافهم، والرياشي قائم يصلي الضحى، فضربوه بالأسياف، وقالوا: هات المال، فجعل يقول: أي مال؟، أي مال؟، حتى مات، فلما خرج الزنج عَنِ البصرة دخلناها، فمررنا ببني مازن الطحانين، وهناك كان منزل الرياشي، فدخلنا مسجده، فإذا به ملقى مستقبل القبلة، كأنما وجه إليها، وإذا شملة يحركها الريح، وقد تمزقت، وإذا جميع خلقه صحيح سوي، لم ينشق له بطن، ولم يتغير له حال، إلا أن جلده قد لصق بعظمه ويبس، وذلك بعد مقتله بسنتين يرحمنا اللَّه وإياه.