أصله من البصرة، وسكن بغداد، وحدث بها شيئا يسيرا عن محمد بن بشار بندار، ومحمد بن المثنى العنزي، وشعيب بن أيوب الصريفيني.
روى عنه: مكرم بن أحمد القاضي، وغيره.
وكان ثقة.
وذكر لي الحسين بن علي الصيمري أنه ولي القضاء بالشام، والكوفة، والكرخ من مدينة السلام.
قال: وكان عبيد الله بن سليمان خاطبه في بيع ضيعة ليتيم تجاور بعض ضياعه فكتب إليه، إن رأى الوزير أعزه الله أن يجعلني أحد رجلين إما رجلا صين الحكم به، أو صين الحكم عنه.
والسلام.
(3602) -[12: 338] أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَلالُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُكْرَمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُكْرَمٍ وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو خَازِمٍ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ اللُّؤْلُئِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " شَاهِدُ الزُّورِ لا تَزُولُ قَدَمَاهُ حَتَّى تَجِبَ لَهُ النَّارُ " أَخْبَرَنَا علي بن المحسن، قال: أَخْبَرَنَا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: استقضى المعتضد بالله على الشرقية سنة ثلاث وثمانين ومئتين أبا خازم عبد الحميد بن عبد العزيز، وكان رجلا دينا، ورعا، عالما بمذهب أهل العراق، والفرائض، والحساب والذرع والقسمة، حسن العلم بالجبر والمقابلة، وحساب الدور، وغامض الوصايا، والمناسخات، قدوة في العلم بصناعة الحكم، ومباشرة الخصوم وأحذق الناس بعمل المحاضر والسجلات، والإقرارات.
أخذ العلم عن هلال بن يحيى الرأي، وكان هذا أحد فقهاء الدنيا من أهل العراق، وأخذ عن بكر العمي، ومحمود الأنصاري.
ثم صحب عبد الرحمن بن نائل بن نجيح، ومحمد بن شجاع حتى كان جماعة يفضلونه على هؤلاء، فأما عقله فلا نعلم أحدا رآه، فقال: أنه رأى أعقل منه، ولقد حَدَّثَنِي أبو الحسن محمد بن أحمد بن مابنداذ، عن حامد بن العباس، عن عبيد الله بن سليمان بن وهب، قال: ما رأيت رجلا أعقل من الموفق، وأبي خازم القاضي.
وأما الحساب فإن أبا الحسين عبد الواحد بن محمد الخصيبي أَخْبَرَنِي، قال: قال لي أبو برزة الحاسب: لا أعرف في الدنيا أحسب من أبي خازم، قال: وقال لي ابن حبيب الذارع: كنا ونحن أحداث مع أبي خازم فكنا نقعده قاضيا، ونتقدم إليه في الخصومات، فما مضت الأيام والليالي حتى صار قاضيا، وصرنا ذراعه.
قال أبو الحسين: وبلغ من شدته في الحكم أن المعتضد وجه إليه بطريف المخلدي، فقال له: إن على الضبعي بيع كان للمعتضد، ولغيره مالا، وقد بلغني أن غرماءه ثبتوا عندك، وقد قسطت لهم من ماله، فاجعلنا كأحدهم.
فقال له أبو خازم: قل له أمير المؤمنين أطال الله بقاءه ذاكر لما قال لي وقت قلدني: أنه قد أخرج الأمر من عنقه وجعله في عنقي، ولا يجوز لي أن أحكم في مال رجل لمدع إلا ببينة.
فرجع إليه طريف فأخبره، فقال: قل له: فلان وفلان يشهدان، يعني لرجلين جليلين كانا في ذلك الوقت، فقال: يشهدان عندي وأسأل عنهما فإن زكيا قبلت شهادتهما، وإلا أمضيت ما قد ثبت عندي، فامتنع أولئك من الشهادة فزعا، ولم يدفع إلى المعتضد شيئا أَخْبَرَنِي التنوخي، قال: أَخْبَرَنَا أبي، قال: حَدَّثَنِي أبو الحسين علي بن هشام بن عبد الله الكاتب البغدادي المعروف أبوه بأبي قيراط، قال: حَدَّثَنِي أبي، قال: حَدَّثَنِي وكيع القاضي، قال: كنت أتقلد لأبي خازم وقوفا في أيام المعتضد، منها وقوف الحسن بن سهل، فلما استكثر المعتضد من عمارة القصر المعروف بالحسني أدخل إليه بعض وقوف الحسن بن سهل التي كانت في يدي ومجاورة للقصر، وبلغت السنة آخرها، وقد جبيت مالها الا ما أخذه المعتضد، فجئت إلى أبي خازم فعرفته اجتماع مال السنة، واستأذنته في قسمته في سبله وعلى أهل الوقف، فقال لي: فهل جبيت ما على أمير المؤمنين؟ فقلت له: ومن يجسر على مطالبة الخليفة؟! فقال: والله لا قسمت الارتفاع أو تأخذ ما عليه، والله لئن لم يزح العلة لا وليت له عملا، ثم قال: امض إليه الساعة وطالبه، فقلت: من يوصلني؟ فقال: امض إلى صافي الحرمي وقل: إنك رسول أنفذتك في مهم، فإذا وصلت فعرفه ما قلت لك.
فجئت، فقلت لصافي ذلك، فأوصلني، وكان آخر النهار، فلما مثلت بين يدي الخليفة ظن أن أمرا عظيما قد حدث، وقال: هيه قل، كأنه متشوف، فقلت له: إني ألي لعبد الحميد قاضي أمير المؤمنين وقوف الحسن بن سهل، وفيها ما قد أدخله أمير المؤمنين إلى قصره، ولما جبيت مال هذه السنة امتنع من تفرقته إلى أن أجبي ما على أمير المؤمنين، وأنفذني الساعة قاصدا بهذا السبب، وأمرني أن أقول إني حضرت في مهم لأصل، قال: فسكت ساعة مفكرا، ثم قال: أصاب عبد الحميد، يا صافي هات الصندوق، قال: فأحضره صندوقا لطيفا، فقال: كم يجب لك؟ فقلت: الذي جبيت عام أول من ارتفاع هذه العقارات أربع مائة دينار، قال: كيف حذقك بالنقد والوزن؟ قلت: أعرفهما، قال: هاتوا ميزانا، فجاءوا بميزان حراني حسن عليه حلية ذهب وأخرج من الصندوق دنانير عينا فوزن منها أربع مائة دينار، فوزنتها بالميزان وقبضتها وانصرفت إلى أبي خازم بالخبر، فقال: أضفها إلى ما اجتمع من الوقف عندك وفرقه في غد في سبله، ولا تؤخر ذلك، ففعلت ذلك، فكثر شكر الناس لأبي خازم بهذا السبب وإقدامه على الخليفة بمثل ذلك، وشكرهم للمعتضد في إنصافه أَخْبَرَنَا التنوخي، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنِي أبو الفرج طاهر بن محمد الصلحي، قال: حَدَّثَنِي القاضي أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر، قال " بلغني أن أبا خازم القاضي جلس في الشرقية وهو قاضيها للحكم، فارتفع إليه خصمان، فأجرى أحدهما بحضرته إلى ما أوجب التأديب، فأمر بتأديبه فأدب فمات في الحال، فكتب إلى المعتضد من المجلس: اعلم أمير المؤمنين أطال الله بقاءه أن خصمين حضراني فأجرى أحدهما إلى ما وجب عليه معه التأديب عندي، فأمرت بتأديبه، فأدب، فمات، وإذا كان المراد بتأديبه مصلحة المسلمين فمات في الأدب فالدية واجبة في بيت مال المسلمين، فإن رأى أمير المؤمنين أطال الله بقاءه أن يأمر بحمل الدية لأحملها إلى ورثته فعل.
قال: فعاد الجواب إليه بأنا قد أمرنا بحمل الدية إليك، وحمل إليه عشرة آلاف درهم، فأحضر ورثة المتوفي ودفعها إليهم قال التنوخي: وحَدَّثَنَا أبو عبيد الله المرزباني، قال: حَدَّثَنَا إبراهيم بن محمد بن شهاب، عن أبي خازم القاضي بهذا الخبر.
أَخْبَرَنِي علي بن أبي علي المعدل قال: حَدَّثَنِي أبي، قال: حَدَّثَنِي القاضي أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن مروان، قال: حَدَّثَنِي مكرم بن بكر وكان من فضلاء الرجال وعلمائهم، قال: كنت في مجلس أبي خازم القاضي، فتقدم رجل شيخ، ومعه غلام حدث، فادعى الشيخ عليه ألف دينار عينا دينا، فقال له: ما تقول؟ فأقر، فقال للشيخ: ما تشاء؟ قال: حبسه.
فقال للغلام: قد سمعت، فهل لك أن تنقده البعض 9 وتسأله إنظارك؟ فقال: لا، فقال الشيخ: إن رأى القاضي أن يحبسه، قال: فتفرس أبو خازم فيهما ساعة، ثم قال: تلازما إلى أن أنظر بينكما في مجلس آخر، قال: فقلت لأبي خازم وكانت بيننا أنسة: لم أخر القاضي حبسه؟ فقال: ويحك إني أعرف في أكثر الأحوال في وجه الخصوم وجه المحق من المبطل، وقد صارت لي بذلك دربة لا تكاد تخطئ، وقد وقع لي أن سماحة هذا بالإقرار هي عن بلية وأمر يبعد من الحق، وليس في تلازمهما بطلان حق، ولعله ينكشف لي من أمرهما ما أكون معه على وثيقة مما أحكم به بينهما، أما رأيت قلة تعاصيهما في المناظرة، وقلة اختلافهما، وسكون طباعهما مع عظم المال، وما جرت عادة الأحداث بفرط التورع حتى يقر مثل هذا طوعا عجلا بمثل هذا المال.
قال: فنحن كذلك نتحدث إذ استؤذن على أبي خازم لبعض وجوه الكرخ من مياسير التجار، فأذن له، فدخل فسلم وشبب لكلامه فأحسن، ثم قال: قد بليت بابن لي حدث يتقاين ويتلف كل ما يظفر به من مالي في القيان عند فلان المقين، فإذا منعته مالي احتال بحيل تضطرني على التزام غرم له، وإن عددت ذلك طال، وأقربه أنه قد نصب المقين اليوم ليطالبه بألف دينار عينا دينا حالا، وبلغني أنه تقدم إلى القاضي ليقر له بها فيحبس، وأقع مع أمه فيما ينغص عيشي إلى أن أزن عنه ذلك للمقين، فإذا قبضه المقين حاسبه به من الجذور، ولما سمعت بذلك بادرت إلى القاضي لأشرح له الأمر فيداويه بما يشكره الله له، فجئت فوجدتهما على الباب.
قال: فحين سمع أبو خازم ذلك تبسم، وقال لي: كيف رأيت؟ قال: فقلت: لهذا ومثله فضل الله القاضي، وجعلت أدعوا له، فقال: علي بالغلام والشيخ، فدخلا فأرهب أبو خازم الشيخ ووعظ الغلام، قال: فأقر الشيخ بأن الصورة كما بلغ القاضي وأنه لا شيء له عليه، وأخذ الرجل بيد ابنه وانصرفوا أَخْبَرَنَا الأزهري، قال: أَخْبَرَنَا علي بن عمر الحافظ، قال: أنشدنا أبو محمد يزداد بن عبد الرحمن بن محمد بن يزداد الكاتب، قال: أنشدني أبو خازم القاضي:
أدل فأكرم له من مدل ومن شادن لدمي يستحل
إذا ما تعزز قابلته بذل، وذلك جهد المقل
قال علي بن عمر: زادني فيه أحمد بن أبي طاهر الكسائي الفقيه:
وأسلمت خدي له خاضعا ولولا ملاحته لم أذل
قال علي بن عمر: أبو خازم القاضي عبد الحميد بن عبد العزيز قاضي مدينة السلام وغيرها، كان عراقي المذهب وكان، عفيفا ورعا فيما بلغني.
أَخْبَرَنَا محمد بن عبد الواحد، قال: حَدَّثَنَا محمد بن العباس، قال: قرئ على ابن المنادي وأنا أسمع، قال: مات أبو خازم القاضي واسمه عبد الحميد بن عبد العزيز في جمادى الأولى سنة اثنتين وتسعين أَخْبَرَنَا الحسن بن أبي بكر عن أحمد بن كامل، قال: مات أبو خازم عبد الحميد بن عبد العزيز القاضي على الكرخ من مدينة السلام في جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين ومئتين ولم يغير شيبه وكان تقيا