حَدَّثَنِي أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، أَنَّ أَبَاهُ لَمَّا مَاتَ، أَرَادَتْ وَالِدَتُهُ أَنْ تَبِيعَ دَارًا وَرِثَتْهَا، قَالَ: فَقَالَتْ لِي: " يَا بُنَيَّ، امْضِ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِلَى بِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ، فَسَلْهُمَا عَنْ ذَلِكَ، فَإِنِّي لا أُحِبُّ أَنْ أَقْطَعَ أَمْرًا دُونَهُمَا، وَأَعْلِمْهُمَا أَنَّ بِنَا حَاجَةً إِلَى بَيْعِهَا.
قَالَ: فَسَأَلْتُهُمَا عَنْ ذَلِكَ، فَاتَّفَقَ قَوْلُهُمَا عَلَى بَيْعِ الأَنْقَاضِ دُونَ الأَرْضِ، فَرَجَعْتُ إِلَى وَالِدَتِي، فَأَخْبَرْتُهَا بِذَلِكَ فَلَمْ تَبِعْهَا ".
وَمَنَعَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْ بَيْعِ أَرْضِ بَغْدَادَ لِكَوْنِهَا مِنْ أَرْضِ السَّوَادِ؛ وَأَرْضُ السَّوَادِ عِنْدَهُمْ مَوْقُوفَةٌ لا يَصِحُّ بَيْعُهَا.
وَأَجَازَتْ طَائِفَةٌ بَيْعَهَا، وَاحْتَجَّتْ بِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَقَرَّ السَّوَادَ فِي أَيْدِي أَهْلِهِ، وَجَعَلَ أَخْذَ الْخَرَاجِ مِنْهُمْ عِوَضًا عَنْ ذَلِكَ.
وَكَانَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ يَكْرَهُ سُكْنَى بَغْدَادَ وَالْمُقَامَ بِهَا، وَيَحُثُّ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهَا، وَقِيلَ: إِنَّ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ كَانَ لا يَرَى الصَّلاةَ فِي شَيْءٍ مِنْ بَغْدَادَ؛ لأَجْلِ أَنَّهَا عِنْدَهُ غَصْبٌ أَخْبَرَنَا أَبُو القاسم الأزهري، قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بْن محمد بْن موسى القرشي، وَأَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن علي الجوهري، قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بْن العباس الخزاز، قالا: أَخْبَرَنَا أحمد بْن جعفر بْن محمد بْن عبيد الله المنادي، قَالَ: حدثنا أَبُو العباس أحمد بْن محمد بْن بكر بْن خالد النيسابوري، المعروف بابن القصير، قال: حدثنا عمرو بْن أيوب، قَالَ: " سألت الفضيل بْن عياض، عَنِ المقام ببغداد، فقال لي: لا تقم بها، اخرج عنها، فإن أخبثهم مؤذنوهم ".
أنبأ أَبُو نعيم أحمد بْن عَبْد الله بْن أحمد بْن إسحاق الحافظ، بأصبهان،