4361 - خالد بن يزيد أبو الهيثم التميمي خراساني الأصل

4361 - خَالِد بْن يزيد أَبُو الهيثم التَّمِيمِيّ خراساني الأصل كَانَ أحد كتاب الجيش بِبَغْدَادَ، وَله شعر مدون، وَشعره كله فِي الغزل، وَعاش دهرا طويلا، وَاختلط فِي آخر عمره، وَيقال: إنه عاش إلى خلافة المعتمد.

أخبرنا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن علان الوراق، قَالَ: أخبرنا أَبُو الْفَرَج أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد الصامت، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن جَعْفَر أَبُو الْحَسَن البرمكي جحظة، قَالَ: كنا جلوسا على باب عَبْد الصمد بْن علي وَمعنا رجل ينشدنا أشعار عَبْد الصمد بْن المعدل، إذ أقبل أَبُو الهيثم خَالِد بْن يزيد الكاتب فجلس إلينا، فَقَالَ: فيم كنتم؟ فقلنا بجهلنا: هذا ينشدنا شيئا من أشعار عَبْد الصمد، فالتفت إليه خَالِد، فَقَالَ: يا فتى من الَّذِي يقول:

تناسيت ما أوعيت سمعك يا سمعي كأنك بعد الضر خال من النفع

ثُمَّ قَالَ له: يا فتى هل أحسن عَبْد الصمد أن يجعل للسمع سمعا؟ قَالَ: لا، ثُمَّ أنشده:

لئن كَانَ أضحى فوق خديه روضة فإن على خدي غديرا من الدمع

ثُمَّ نهض، فَقَالَ لنا المنشد: من هذا؟ فقلنا: خَالِد، فعدا خلفه، وَانقطعت نعله، وَانقلبت محبرته، حتى كتب البيتين أَخْبَرَنِي علي بْن أَيُّوب القمي، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بْن عمران الكاتب، قَالَ: أنشدني المظفر بْن يَحْيَى لخالد الكاتب:

هبك الخليفة حين يركب فِي مواكبه وَجنده

أَوْ هبك كنت وَزيره أَوْ هبك كنت وَلي عهده

هل كنت تقدر أن تزيد المبتلي بك فوق جهده

أخبرنا الْحَسَن بْن أَبِي بَكْر، قَالَ: أخبرنا أَحْمَد بْن كامل الْقَاضِي فيما أجاز لنا روايته عنه، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْن علي بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد الْقُرَشِيّ من أَهْل حران، قَالَ: سمعت هلال بْن العلاء، يقول: رأيت خَالِد الكاتب الشاعر بمدينة السلام، وَالناس يصيحون به يا بارد، يا بارد، وَيرمونه بالحجارة، فتساند إِلَى حائط، وَقَالَ: وَيلكم كيف أكون باردا وَأنا الَّذِي أقول:

وَلامسه قلبي فآلم كفه فمن لمس قلبي فِي أنامله عقر

وَمر بفكري خاطرا فجرحته وَلم أر خلقا قط يجرحه الفكر

أخبرنا علي بْن طلحة المقرئ، قَالَ: أخبرنا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمران، قَالَ: حَدَّثَنَا صالح بْن مُحَمَّد، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِم بْن سهل، قَالَ: مر خَالِد الكاتب يوما بصبيان فجعلوا يرجمونه وَيزمونه وَيقولون له: يا خَالِد، يا بارد، فَقَالَ لهم: وَيلكم أنا بارد وَأنا الَّذِي أقول

سيدي أنت لم أقل سيدي أنت لخلق سواك والصب عبد

خذ فؤادي فقد أتاك بود وهو بكر ما افتضه قط وَجد

كبد رطبة يفتتها الوجد وَخد فيه من الدمع خد

أخبرنا أَحْمَد بْن عُمَر بْن روح النهرواني، قَالَ: أخبرنا المعافى بْن زَكَرِيَّا الجريري، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن الفضل بْن حيان الحلواني، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْر بْن ضباب، قَالَ: سمعت بعض أصحابنا بالرقة، يقول: كبر خَالِد الكاتب حتى دق عظمه، وَرق جلده، فوسوس، فرأيته بِبَغْدَادَ وَالصبيان يتبعونه وَيصيحون به: يا بارد، يا بارد، فأسند ظهره إلى قصر المعتصم، فَقَالَ لهم: كيف أكون باردا وَأنا الَّذِي أقول:

بكى عاذلي من رحمتي فرحمته وَكم مسعد من مثله وَمعين

وَرقت دموع العين حتى كأنها دموع دموعي لا دموع جفوني

أخبرنا علي بْن أَبِي علي، قَالَ: أنشدنا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس الخزاز، قَالَ: أنشدنا مُحَمَّد بْن الْقَاسِم الأَنْبَارِيّ لخالد الكاتب:

قد القضيب حكى رشاقة قده وَالورد يحسد وَرده فِي خده

وَالشمس جوهر نورها من نوره وَالبدر أسعد سعده من سعده

خشف أرق من البهاء بهاؤه وَمن الفرند المحض فِي إفرنده

لو مكنت عيناك من وَجناته لرأيت وَجهك فِي صفيحة خده

قَالَ: وَله أَيْضًا:

اللَّه جارك يا سمعي وَيا بصري من العيون الَّتِي ترميك بالنظر

وَمن نفاسة خديك اللذين لك المعنى وَقد وَسما بالشمس وَالقمر

فحاسناك فما فازا بحسنهما وَخاطراك فما فاتاك بالخطر

من كَانَ فيك إلى العذال معتذرا من الأنام فإني غير معتذر

أخبرنا أَبُو علي بْن الْحَسَن الجازري، قَالَ: حَدَّثَنَا المعافى بْن زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن جَعْفَر بْن مُوسَى البرمكي جحظة، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِد الكتاب، قَالَ: قَالَ لي علي بْن الجهم: هب لي بيتك:

ليت ما أصبح من رقة خديك بقلبك

قَالَ: فقلت له: أرأيت أحدا يهب وَلده؟ أخبرنا الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد الكلوذاني فيما أذن أن نرويه عنه، قَالَ: أخبرنا أَبُو عُمَر مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الزاهد، قَالَ: أخبرنا ثعلب، قَالَ: ما أحد من الشعراء تكلم فِي الليل إِلا قارب، إِلا خَالِد الكاتب فإنه أبدع فِي قوله: وَليل المحب بلا آخر فإنه لم يجعل لليل آخر وَأنشدنا:

رقدت فلم ترث للساهر وَليل المحب بلا آخر

وَلم تدر بعد ذهاب الرقاد ما صنع الدمع بالناظر

أيا من تعبد فِي طرفه أجرني من طرفك الجائر

وَجد للفؤاد فداك الفؤاد من طرفك الفاتن الفاتر

فمضيت إِلَى خَالِد فِي سنة إحدى وَستين فأنشدني هذا الشعر.

أخبرنا الْحَسَن بْن أَبِي بَكْر، قَالَ: قَالَ أَحْمَد بْن كامل الْقَاضِي حدثت عَنْ خَالِد الكاتب، قَالَ: قيل له: من أين قلت فِي قصيدتك: وَليل المحب بلا آخر؟، فَقَالَ: وَقفت على باب وَسائل عَلَيْهِ مكفوف وَهُوَ يقول: الليل وَالنهار علي سواء، فأخذت هذا منه.

أخبرنا الْقَاضِي أَبُو حامد أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي عَمْرو الدلوي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِم الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن حبيب النيسابوري، قَالَ: سمعت أبا الْقَاسِم عَبْد الرَّحْمَنِ بْن المظفر الأَنْبَارِيّ، يقول: سمعت أبا الْقَاسِم بْن أَبِي حية، يقول: سمعت خَالِد بْن يزيد الكاتب، يقول: بينا أنا مار بباب الطاق، إذ براكب خلفي على بغلة، فلما لحقني نخسني بسوطه، فَقَالَ: أنت القائل: يا خويلد وَليل المحب بلا آخر؟ قلت: نعم، قَالَ: لله أبوك وَصف امرؤ القيس الليل الطويل فِي ثلاثة أبيات، وَوصفه النابغة فِي ثلاثة أبيات، وَوصفه بشار بْن برد فِي ثلاثة أبيات، وَبرزت عليهم بشطر كلمة؟! فلله أبوك، قلت: وَبم وَصفه امرؤ القيس، فَقَالَ: بقوله:

وَليل كموج البحر أرخى سدوله علي بأنواع الهموم ليبتلي

فقلت له لما تمطى بصلبه وَأردف أعجازا وَناء بكلكل

ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي بصبح وَما الإصباح منك بأمثل

قلت: وَبم وَصفه النابغة؟ فَقَالَ: بقوله:

كليني لهم يا أميمة ناصب وَليل أقاسيه بطيء الكواكب

وَصدر أزاح الليل عازب همه فضاعف فيه الهم من كل جانب

تقاعس حتى من قلت ليس بمنقض وَليس الَّذِي يهدي النجوم بآيب

قلت له: وَبم وَصفه بشار؟ فَقَالَ: بقوله:

خليلي ما بال الدجى لا تزحزح وَما بال ضوء الصبح لا يتوضح

أظن الدجى طالت وَما طالت الدجى وَلكن أطال الليل سقم مبرح

أضل النهار المستنير طريقه أم الدهر ليل كله ليس يبرح

قلت له: يا مولاي، هل لك فِي شعر قلته لم أسبق إليه، قَالَ: نعم، فقلت:

كلما اشتد خضوعي لجوى بين ضلوعي

ركضت فِي حلبتي خدي خيل من دموعي

قَالَ فثنى رجله عَنْ بغلته، وَقَالَ: هاكها، فاركبها فأنت أحق بها مني.

فلما مضى سألت عنه: فقيل: هو أَبُو تمام حبيب بْن أوس الطائي أَخْبَرَنِي أَبُو الفتح هلال بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر الحفار، قَالَ: أخبرنا عُمَر بْن أَحْمَد بْن عُثْمَان الواعظ، قَالَ: أنشدنا أَحْمَد بْن نصر بْن سندويه البصلاني، قَالَ: أنشدنا أَبُو الهيثم خَالِد بْن يزيد:

حرق الشوق وَاتقاد الغليل وَاتصال الهوى بقلب عليل

وَكلا بالجفون إذ نفد الدمع دما وَاكفا قريح المسيل

تركاني أنوح فِي غسق الليل على جسمي السقيم النحيل

تب إلى اللَّه وَاشك هذا إليه يا قتيل الهوى بغير قتيل

وأَخْبَرَنِي هلال الحفار، قَالَ: أخبرنا عُمَر بْن أَحْمَد، قَالَ: أنشدنا أَحْمَد بْن نصر بْن سندويه، قَالَ: أنشدنا خَالِد بْن يزيد أَبُو الهيثم:

كيف احتيالي وَأنت لا تصل قل اصطباري وَضاقت الحيل

منعت عيني بالصد رقدتها فجفنها بالسهاد مكتحل

يا حسن الوجه إن تكن مثلا فإن بي فيك يضرب المثل

إن كان جسمي هواك أنحله فإن قلبي عليك يتكل

أَخْبَرَنِي محمد بن محمد بن علي الشروطي، قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن علي الْمَرْوَزِيّ الكاتب، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن سهل، قَالَ: سأل خَالِد الكاتب رجلا حاجة فكان مما استفتح به كلامه أن قَالَ له: فقد الصديق ألجأني إلى كلامك.

أخبرنا علي بْن أَبِي علي، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان الكاتب، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد المعروف بابن السقاء الواسطي بها، قَالَ: حَدَّثَنِي جحظة، قَالَ: قَالَ لي خَالِد الكاتب: أضقت حتى عدمت القوت أياما، فلما كَانَ فِي بعض الأيام بين المغرب وَعشاء الآخرة، فإذا بأبي يدق، فقلت: من هذا؟ فَقَالَ: من إذا خرجت إليه رأيته، فخرجت فرأيت رجلا راكبا على حمار، عَلَيْهِ طيلسان أسود، وَعلى رأسه قلنسوة طويلة وَمعه خادم، فَقَالَ لي: أنت الَّذِي تقول:

أقول للسقم عد إلى بدني حبا لشيء يَكُون من سببك

قَالَ قلت: نعم.

قَالَ: أحب أن تنزل لي عنه، فقلت: وَهل ينزل الرجل عَنْ وَلده؟ فتبسم ثُمَّ قَالَ: يا غلام أعطه ما معك، فأومأ إلي بصرة فِي ديباجة سوداء مختومة، فقلت: إني لا أقبل عطاء من لا أعرفه فمن أنت؟ فَقَالَ أنا إِبْرَاهِيم بْن المهدي

(2795) أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ أَيُّوبَ الْقُمِّيُّ، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْهَيْثَمِ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْكَاتِبُ الشَّاعِرُ، قَالَ: لَمَّا بُويِعَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمَهْدِيِّ بِالْخِلافَةِ، طَلَبَنِي وَقَدْ كَانَ يَعْرِفُنِي، وَكُنْتُ مُتَّصِلا بِبَعْضِ أَسْبَابِهِ، فَأُدْخِلْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا خَالِدُ أَنْشِدْنِي مِنْ شِعْرِكَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَيْسَ شِعْرِي مِنَ الشِّعْرِ الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكَمًا "، وَإِنَّمَا أَمْزَحُ وَأَهْزِلُ، وَلَيْسَ مِمَّا يَنْشُدُهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ لِي: لا تَقُلْ هَذَا يَا خَالِدُ، فَإِنَّ جِدَّ الأَدَبِ وَهَزْلِهِ، جَدٌّ أَنْشِدْنِي فَأَنْشَدْتُهُ:

عِشْ فَحُبَّيْكَ سَرِيعٌ قَاتِلِي وَالضَّنَى إِنْ لَمْ تَصِلْنِي وَاصِلِي

ظَفَرَ الشَّوْقُ بِقَلْبٍ كَمِدٍ فِيكَ وَالسُّقْمُ بِجِسْمٍ نَاحِلِ

فَهُمَا بَيْنَ اكْتِئَابٍ وَبِلَى تَرَكَانِي كَالْقَضِيبِ الذَّابِلِ

وَبَكَى الْعَاذِلُ لِي مِنْ رَحْمَةٍ فَبُكَائِي لِبُكَاءِ الْعَاذِلِ

فَاسْتَمْلَحَ ذَلِكَ وَوَصَلَنِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015