سمع سعدان بن نصر، وحفص بن عمرو الربالي، وأحمد بن مَنْصُور الرمادي، وعيسى بن جَعْفَر الْوَرَّاق، وعباس بن مُحَمَّد الدوري، وأحمد بن سعد الزهري، وأحمد بن حازم بن أَبِي غرزة، وجميل بن إِسْحَاق.
روى عنه مُحَمَّد بن المظفر، وأبو الْحَسَن الدارقطني، وأبو حفص بن شاهين، ويوسف بن عُمَر القواس، وأبو الْحَسَن ابن الجندي، وأبو القاسم ابن الثلاج، وهو نسبه.
وكان الإصطخري أحد الأئمة المذكورين، ومن شيوخ الفقهاء الشافعيين.
وكان ورعا زاهدا متقللا.
أخبرنا أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بن عِيسَى الهمذاني، قَالَ: حَدَّثَنَا صالح بن أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّد الحافظ، قَالَ: الْحَسَن بن أَحْمَدَ بْنِ يزيد أَبُو سعيد قاضي قم ويعرف بالإصطخري، كان أحد الفقهاء، مع ما رزق من الديانة والورع، ويدل كتابه الذي ألفه فِي القضاء عَلَى سعة فهمه ومعرفته.
حَدَّثَنِي الْقَاضِي أَبُو الطيب طاهر بن عَبْد اللَّهِ الطبري، قَالَ: حكي لي عَنْ أَبِي القاسم الداركي، أَنَّهُ قَالَ: سمعت أبا إِسْحَاق المروزي يقول: لما دخلت بغداد لم يكن بها من يستحق أن أدرس عليه إلا أَبُو الْعَبَّاس بن سريج، وأبو سعيد الإصطخري.
قَالَ الطبري: وهذا يدل عَلَى أن أبا عَلِيّ بن خيران لم يكن يقاس بهما.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق المروزي: فسئل يوما أَبُو سعيد عَنِ المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا، هل تجب لها النفقة؟ فَقَالَ: نعم.
فقيل لَهُ: ليس هذا مذهب الشافعي! فلم يصدق، فأروه كتابه فلم يرجع، وَقَالَ: إن لم يكن مذهبه فهو مذهب عَلِيّ وابن عباس.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: فحضر يوما مجلس النظر مع أَبِي الْعَبَّاس بن سريج وتناظرا فجرى بينهما كلام، فَقَالَ لَهُ أَبُو الْعَبَّاس: أنت سئلت عَنْ مسألة فأخطأت فيها، وأنت رجل كثرة أكل الباقلاء قد ذهب بدماغك! فَقَالَ لَهُ أَبُو سعيد فِي الحال: وأنت فكثرة أكل الخل والمري قد ذهب بدينك.
قَالَ الطبري: وكان من الورع والزهد بمكان، ويقال: إِنَّهُ كان قميصه وسراويله وعمامته وطيلسانه من شقة واحدة، وكانت فيه حدة، وله تصانيف كثيرة، فمن ذلك كتاب أدب القضاء ليس لأحد مثله، وكان قد ولي الحسبة ببغداد، وأحرق طاق اللعب من أجل ما يعمل فيه من الملاهي، وكان القاهر الخليفة قد استفتاه فِي الصابئين فأفتاه بقتلهم، لأنه تبين لَهُ أنهم يخالفون اليهود والنصارى، وأنهم يعبدون الكواكب.
فعزم الخليفة عَلَى ذلك حتى جمعوا بينهم لَهُ مالا كثيرا لَهُ قدر فكف عنهم.
قَالَ الطبري: وحكي عَنِ الداركي أَنَّهُ قَالَ: ما كان أَبُو إِسْحَاق المروزي يفتي بحضرة أَبِي سعيد الإصطخري إلا بإذنه! قَالَ لي عبد العزيز بن عَلِيّ الْوَرَّاق: ولد أَبُو سعيد الإصطخري فِي سنة أربع وأربعين ومائتين.
أخبرني الأزهري، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيم بن شاذان، قَالَ: توفي أَبُو سعيد الإصطخري فِي شعبان سنة ثمان وعشرين.
حَدَّثَنِي عُبَيْد اللَّهِ بن أَبِي الفتح، عَنْ طلحة بن مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَر، أن أبا سعيد مات فِي جمادى الآخرة من سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة.
وهكذا ذكر ابن قانع.
وقرأت فِي كتاب مُحَمَّد بن عَلِيّ بن عُمَر بن الفياض: توفي الإصطخري يوم الخميس ودفن يوم الجمعة قبل الصلاة لأربع عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة.