بويع له بالخلافة بعد الواثق، وكان مولده بفم الصلح، ومنزله بسر من رأى.
أخبرني الحسين بن عَلِيّ الصيمري، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عمران بن مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عبد الله الحكيمي، قَالَ: حَدَّثَنِي ميمون بن هارون، عَنْ جماعة سماهم أن الواثق لما مات اجتمع وصيف التركي، وأحمد بن أبي داود، ومحمد بن عبد الملك، وأحمد بن خالد المعروف بأبي الوزير، وعمر بن فرج فعزم أكثرهم عَلَى تولية مُحَمَّد بن الواثق.
فأحضروه، هو غلام أمرد قصير، فَقَالَ أحمد بن أبي دؤاد: أما تتقون الله، كيف تولون مثل هذا الخلافة؟! فأرسلوا بغا الشرابي إِلَى جعفر بن المعتصم، فأحضروه، فقام ابن أبي دؤاد فألبسه الطويلة ودراعة، وعممه بيده عَلَى الطويلة، وقبل بين عينيه، وَقَالَ: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
ثم غسل الواثق وصلى عليه المتوكل، ودفن.
قَالَ ميمون: فحدثني سعيد الصغير، قَالَ: كان المتوكل قد رأى فِي النوم كأنه سكرا سليمانيا يسقط عليه من السماء، مكتوب عليه جعفر المتوكل عَلَى الله، قَالَ ميمون: فلما صلى عَلَى الواثق، قَالَ: مُحَمَّد بن عبد الملك نسميه المنتصر، وخاض الناس فِي ذلك، فحدث المتوكل أحمد بن أبي دؤاد بما رأى فِي منامه، فوجده موافقا، فأمضى، وكتب به إِلَى الآفاق.
أخبرنا عَلِيّ بن أَحْمَدَ بْنِ عمر المقرئ، قَالَ: أخبرنا عَلِيّ بن أَحْمَدَ بْنِ أبي قيس، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّدِ بْنِ أبي الدنيا.
وأخبرني أَبُو الْقَاسِمِ الأزهري، قَالَ: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدِ بْنِ عرفة، قالا: بويع المتوكل عَلَى الله قَالَ ابن أبي الدنيا بسر من رأى، ثم اتفقا يوم الأربعاء لستٍ بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين.
قَالَ ابن عرفة وسنه ست وعشرون سنة يومئذ، قالا جميعا وأمه أم ولد يقال لها شجاع.
قَالَ ابن عرفة وكانت من سروات النساء سخاء وكرما، وَقَالَ ابن أبي الدنيا: قَالَ يزيد بن المهلبي سمعت المتوكل عَلَى الله يقول: ميلادي سنة سبع ومائتين.
(2307) -[8: 47] أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الأَهْوَازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْقَاضِي بِالأَهْوَازِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْهَاشِمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الأَحْمَرُ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَوَكِّلِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، فَجَعَلَ نَصْرٌ يَحُضُّ الْمُتَوَكِّلَ عَلَى الرِّفْقِ وَيَمْدَحُ الرِّفْقَ، وَيُوصِي بِهِ، وَالْمُتَوَكِّلُ سَاكِتٌ، فَلَمَّا سَكَتَ نَصْرٌ، قَالَ الْمُتَوَكِّلُ، وَالْتَفَتَ إِلَى يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ الْقَاضِي، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ يَا حَدَّثْتَنِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ جَرِيرِ بن عبد الله، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ حُرِمَ الرِّفْقَ حُرِمَ الْخَيْرَ "، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
الرِّفْقُ يُمْنٌ وَالأَنَاةُ سَعَادَةٌ فَاسْتَأْنِ فِي رِفْقٍ تُلاقِ نَجَاحَا
لا خَيْرَ فِي حَزْمٍ بِغَيْرِ رَوِيَّةٍ وَالشَّكُّ وَهْنٌ إِنْ أَرَدْتَ سَرَاحَا
أخبرني الحسن بن أبي طالب، قَالَ: حدثنا أحمد بن مُحَمَّدِ بْنِ عمران، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن يَحْيَى النديم، قَالَ: حَدَّثَنِي أحمد بن يزيد المهلبي، عَنْ أبيه، قَالَ: قَالَ لي المتوكل يوما: يا مهلبي إن الخلفاء كانت تتصعب عَلَى الرعية لتطيعها، وأنا ألين لهم ليحبوني ويطيعوني.
أخبرنا أحمد بن عبد الواحد الوكيل، قَالَ: أخبرنا إِسْمَاعِيل بن سعيد المعدل، قَالَ: حَدَّثَنَا الحسين بن القاسم الكوكبي، قَالَ: أخبرنا محرز الكاتب، قَالَ: اعتل عبيد الله بن يَحْيَى بن خاقان، فأمر المتوكل الفتح أن يعوده، فأتاه، فَقَالَ: أمير المؤمنين يسألك عَنْ علتك؟ فَقَالَ عبيد الله:
عليل من مكانين من الأسقام والدين
وفي هذين لي شغل وحسبي شغل هذين
فأمر له المتوكل بألف ألف درهم.
أخبرنا عَبْد اللَّهِ بْن عَلِيّ بن حمويه الهمذاني بها، قَالَ: أخبرنا أحمد بن عَبْد الرَّحْمَنِ الشيرازي، قَالَ: أخبرنا أَبُو الحسن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الشاه التميمي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عبد الله العبسي الناقد بمصر، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّد بن إِسْحَاق، قَالَ: حَدَّثَنِي الأعسم، قَالَ: دخل عَلِيّ بن الجهم عَلَى جعفر المتوكل وبيده درتان يقلبهما، فأنشده قصيدته التي يقول فيها:
وإذا مررت ببئر عروة فاسقني من مائها
قَالَ: فدحا بالدرة التي فِي يمينه، فقلبتها، فَقَالَ لي: تستنقص بها؟! هي والله خير من مائة ألف، قُلْتُ: لا والله ما استنقصت، ولكن فكرت فِي أبيات أعملها آخذ التي فِي يسارك، فَقَالَ لي: قل، فأنشأت أقول:
بسر من رأى أمير عدل تغرف من بحره البحار
يرجي ويخشى لكل خطب كأنه جنة ونار
الملك فيه وفي بنيه ما اختلف الليل والنهار
يداه فِي الجود ضرتان عليه كلتاهما تغار
لم تأت منه اليمين شيئا إلا أتت مثلها اليسار
قَالَ: فدحا التي فِي يساره، وَقَالَ: خذها لا بارك الله لك فيها.
وقد رويت هذه الأبيات للبحتري فِي المتوكل أخبرنا عَلِيّ بن أيوب القمي، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن عمران المرزباني، قَالَ: أنشدني عَلِيّ بن هارون للبحتري:
بسر من رأى لنا إمام تغرف من بحره البحار
خليفة يرتجى ويخشى كأنه جنة ونار
كلتا يديه تفيض سحا كأنها ضرة تغار
فليس تأتي اليمين شيئا إلا أتت مثله اليسار
فالملك فيه وفي بنيه ما اختلف الليل والنهار
أخبرنا أَبُو عَلِيّ مُحَمَّد بن الحسين الجازري، قَالَ: حَدَّثَنَا المعافى بن زكريا الجريري، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النضر العقيلي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أحمد يَحْيَى بن عَلِيّ بن يَحْيَى المنجم، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، قَالَ: خرجنا مع المتوكل إِلَى دمشق، فلحقنا ضيقة بسبب المؤن والنفقات التي كانت تلزمنا، قَالَ: فبعثت إِلَى بختيشوع وكان لي صديقا أسأله أن يقرضني عشرين ألف درهم، قَالَ: فأقرضنيها، فلما كان بعد يوم أو يومين دخلت مع الجلساء إِلَى المتوكل فلما جلسنا بين يديه، قَالَ: يا عَلِيّ لك عندي ذنب وهو عظيم، قُلْتُ: يا سيدي فما هو، فإني لا أعرف لي ذنبا ولا خيانة؟ قَالَ: بلى، أضقت فاستقرضت من بختيشوع عشرين ألف درهم، أفلا أعلمتني؟ قَالَ: قُلْتُ: يا مولاي صلات أمير المؤمنين عندي متواترة، وأرزاقه وأنزاله عَلِيّ دارة، واستحييت مع ما قد أنعم الله علينا به من هذا التفضل أن أسأله، قَالَ: ولم؟ إياك أن تستحي فِي مسألتي أو الطلب مني، وأن تعاود مثل ما كان منك، ثم قَالَ: مائة ألف درهم بغير صروف، فأحضرت عشر بدر، فَقَالَ: خذها واتسع بها.
أخبرنا الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّد الحسن بن الحسين بن مُحَمَّدِ بْنِ رامين الإستراباذي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدِ بْنِ جعفر الجرجاني، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن الفضل بن عبد الله، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عثمان سعد بن عبد الله النوبي، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن إِسْحَاق الوشاء، قَالَ: دخل مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طاهر عَلَى أمير المؤمنين المتوكل فِي شكاة له، فَقَالَ:
الله يدفع عَنْ نفس الإمام لنا وكلنا للمنايا دونه غرض
أتيته عادة العواد من مرض بالعائدين جميعا لا به المرض
ففي الإمام لنا من غيره عوض وليس فِي غيره منه لنا عوض
وما أبالي إذا ما نفسه سلمت لو باد كل عباد الله وانقرضوا
أخبرنا باي بن جعفر الجيلي، قَالَ: أخبرنا أحمد بن مُحَمَّدِ بْنِ عمران، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْد اللَّهِ بْن المعتز، قَالَ: حَدَّثَنِي الحسن بن عليل العنزي، قَالَ: حَدَّثَنِي بعض أصحابنا، عَنْ جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، قَالَ: دخلت عَلَى المتوكل لما توفيت أمه فعزيته، فَقَالَ: يا جعفر ربما قُلْتُ البيت الواحد، فإذا جاوزته خلطت، وقد قُلْتُ:
تذكرت لما فرق الدهر بيننا فعزيت نفسي بالنبي مُحَمَّد
فأجازه بعض من حضر المجلس:
وقلت له إن المنايا سبيلنا فمن لم يمت فِي يومه مات فِي غد
أخبرنا مُحَمَّد بن جعفر بن علان الوراق، قَالَ: أخبرنا أَبُو الفتح مُحَمَّد بن الحسين الأزدي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيم الأنطاكي، قَالَ: حَدَّثَنَا الحارث بن أحمد العبدي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يزيد المؤدب، قَالَ: سمعت الفتح بن خاقان، يقول: دخلت يوما عَلَى المتوكل أمير المؤمنين، فرأيته مطرقا يتفكر، فقلت: ما هذا الفكر يا أمير المؤمنين؟ فوالله ما عَلَى الأرض أطيب منك عيشا، ولا أنعم منك بالا، فَقَالَ: يا فتح، أطيب عيشا مني رجل له دار واسعة، وزوجة صالحة، ومعيشة حاضرة، لا يعرفنا فنؤذيه، ولا يحتاج إلينا فنزدريه.
أخبرني الحسين بن عَلِيّ الصيمري، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عمران بن مُوسَى، قَالَ: أنشدني أحمد بن زياد، قَالَ: أنشدني أَبُو الغوث يَحْيَى بن البحتري لأبيه يهجو ابن أبي دؤاد ويخاطب المتوكل:
أمير المؤمنين لقد سَكَنَّا إِلَى أيامك الغر الحسان
رددت الدين قذا بعد ما قد أراه فرقتين تخاصمان
قصمت الظالمين بكل أرض فأضحى الظلم مجهول المكان
وفي سنة رمت متجبريهم عَلَى قدر بداهية عوان
فما أبقت من ابن أبي دؤادٍ سوى جسد يخاطب بالمعاني
تحير فيه سابور بن سهل فطاوله ومناه الأماني
إذا أصحابه اصطبحوا بليل أطالوا الخوض فِي خلق القران
يديرون الكئوس وهم نشاوى يحدثنا فلان عَنْ فلان
أخبرني الحسن بن شهاب العكبري فِي كتابه إِلَى قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد الله بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي سمرة البندار، قَالَ: حَدَّثَنِي معاوية بن عثمان، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيّ بن حاتم، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيّ بن الجهم السامي، قَالَ: وجه إِلَى أمير المؤمنين المتوكل، فأتيته فَقَالَ لي: يا عَلِيّ رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الساعة فِي المنام، فقمت إليه، فَقَالَ لي: تقوم إلي وأنت خليفة؟ فقلت: أبشر يا أمير المؤمنين، أما قيامك إليه فقيامك بالسنة، وقد عدك من الخلفاء.
قَالَ: فسر بذلك.
أخبرنا أَبُو منصور مُحَمَّد بن عَلِيّ بن إِسْحَاق الخازن، قَالَ: أخبرنا أحمد بن بشر بن سعيد الخرقي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو روق الهزاني.
وأخبرنا مُحَمَّد بن أبي عَلِيّ الأصبهاني، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أحمد الحسن بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سعيد العسكري، قَالَ: حَدَّثَنَا الهزاني، قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن خلف، يقول: كان إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد التيمي قاضي البصرة، يقول: الخلفاء ثلاثة أَبُو بَكْرٍ الصديق، قاتل أهل الردة حتى استجابوا له، وعمر بن عبد العزيز رد مظالم بني أمية، والمتوكل محا البدع وأظهر السنة.
أخبرنا الأزهري، قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد الله بن مُحَمَّد العكبري، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الفضل مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بْنِ سهل النيسابوري، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد بن عثمان الحناط، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيّ بن إِسْمَاعِيل، قَالَ: رأيت جعفر المتوكل بطرسوس فِي النوم وهو فِي النور جالس، قُلْتُ: المتوكل؟ قَالَ: المتوكل، قُلْتُ: ما فعل الله بك؟ قَالَ: غفر لي، قُلْتُ: بماذا؟ قَالَ: بقليل من السنة أحييتها.
أخبرني أَبُو بَكْرٍ أحمد بن مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جعفر اليزدي، بأصبهان، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّدِ بْنِ جعفر بن حيان إملاء، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن عِيسَى المكتب، عَنْ عمر بن حفص، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ بْن عَبْد الرَّحْمَنِ، قَالَ: رأيت المتوكل فيما يرى النائم، فقلت: يا متوكل، ما فعل بك ربك؟ قَالَ: غفر لي ربي، قُلْتُ: غفر لك ربك! وقد عملت ما عملت، قَالَ: نعم، بالقليل من السنة التي أظهرتها.
أخبرني الحسن بن أبي طالب، قَالَ: أخبرنا أحمد بن مُحَمَّدِ بْنِ عمران، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النديم، قَالَ: حَدَّثَنِي الحسين بن إِسْحَاق، قَالَ: سمعت صالح بن أَحْمَدَ بْنِ حنبل، يقول: سهرت ليلة، ثم نمت، فرأيت فِي نومي كأن رجلا يعرج به إِلَى السماء وقائلا، يقول:
ملك يقاد إِلَى مليك عادل متفضل فِي العفو ليس بجائر
ثم أصبحنا فما أمسينا حتى جاء نعي المتوكل من سر من رأى إِلَى بغداد.
أخبرنا مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بْنِ رزق، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يوسف بن حمدان الهمذاني، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيّ الحسن بن يزيد الدقاق، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد العزيز بن مُحَمَّد الحارثي، قَالَ: حَدَّثَنَا عمر بن عبد الله الأسدي، قَالَ: سمعت أبا عبد الله أحمد بن العلاء، قَالَ: قَالَ لي عمرو بن شيبان الحلبي: رأيت فِي الليلة التي قتل فيها المتوكل فيما يرى النائم حين أخذت مضجعي، كأن آتيا أتاني، فَقَالَ لي:
يا نائم العين فِي أقطار جثمان أفض دموعك يا عمرو بن شيبان
أما ترى الفتية الأرجاس ما فعلوا بالهاشمي وبالفتح بن خاقان
وافى إِلَى الله مظلوما فضج له أهل السموات من مثنى ووحدان
وسوف تأتيكم أخرى مسومة توقعوها لها شأن من الشان
فابكوا عَلَى جعفر وارثوا خليفتكم فقد بكاه جميع الإنس والجان
قَالَ: فأصبحت فإذا الناس يخبرون أن جعفرا قد قتل فِي هذه الليلة.
قَالَ أَبُو عبد الله: ثم رأيت المتوكل بعد هذا بأشهر كأنه بين يدي الله تعالى، فقلت: ما فعل بك ربك؟ قَالَ: غفر لي، قُلْتُ: بماذا؟ قَالَ: بالقليل من السنة تمسكت بها، قُلْتُ: فما تصنع ها هنا؟ قَالَ: أنتظر محمدا ابني أخاصمه إِلَى الله الحليم العظيم الكريم.
أخبرنا الأزهري، قَالَ: أخبرنا عَلِيّ بن عمر الحافظ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ بْن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: سمعت أبا عَلِيّ الحسن بن عليل العنزي، يقول: خرجت فِي الليلة التي قتل فيها المتوكل فِي جوف الليل لأتطهر للصلاة من دجلة فسمعت صائحا يصيح لا أدري من هو:
شال شوال بهم فهم فيه مزق
قَالَ: فلما كان بالغداة اتصل بنا أن المتوكل قتل فِي هذه الليلة.
أخبرنا عبيد الله بن عمر بن أحمد الواعظ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الواحد، قَالَ: أخبرني أَبُو أيوب جعفر بن أبي عثمان الطيالسي، قَالَ: أخبرني بعض الزمازمة الذين يحفظون زمزم، قَالَ: غارت زمزم ليلة من الليالي فأرخناها، فجاءنا الخبر أنها كانت الليلة التي قتل فيها جعفر المتوكل.
أخبرنا مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بْنِ رزق، قَالَ: حَدَّثَنَا عثمان بن أحمد الدقاق، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ البراء، قَالَ: قتل المتوكل بالمتوكلية، وهي الماحوزة، ليلا لأربع خلون من شوال سنة سبع وأربعين ومائتين.
وكان عمره أربعين سنة، وخلافته أربع عشرة سنة وعشرة أشهر وثلاثة أيام.
أخبرنا علي بن أحمد بن عمر المقرئ، قَالَ: أخبرنا عَلِيّ بن أَحْمَدَ بْنِ أبي قيس، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّدِ بْنِ أبي الدنيا، قَالَ: قتل المتوكل ليلة الأربعاء فِي أول الليل، ودفن يوم الأربعاء بالجعفري لأربع خلون من شوال سنة سبع وأربعين ومائتين، وكانت خلافته أربع عشرة سنة وتسعة أشهر وعشرة أيام، ورأيت المتوكل أسمر، حسن العينين، نحيف الجسم، خفيف العارضين، وكان إِلَى القصر أقرب، ويكنى أبا الفضل.