3554 - ثمامة بن أشرس أبو معن النميري

3554 - ثمامة بن أشرس أَبُو معن النميري أحد المعتزلة البصريين، ورد بغداد، واتصل بهارون الرشيد وغيره من الخلفاء، وله أخبار ونوادر، يحكيها عنه أَبُو عثمان الجاحظ، وغير واحد.

أخبرنا الحسين بن عَلِيّ الصيمري، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عبيد الله مُحَمَّد بن عمران المرزباني، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ بْن جعفر، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يزيد النحوي، قَالَ: قَالَ ثمامة بن أشرس: خرجت من البصرة أريد المأمون، فصرت إِلَى دير هرقل، فإذا مجنون مشدود، فَقَالَ لي: ما اسمك؟ قُلْتُ ثمامة، قَالَ: المتكلم؟ قُلْتُ: نعم، قَالَ: لم جلست عَلَى هذه الآجرة ولم يأذن لك أهلها؟ قُلْتُ: رأيتها مبذولة فجلست عليها، قَالَ: فلعل لأهلها فيها تدبيرا غير البذل، ثم قَالَ لي: أخبرني متى يجد صاحب النوم لذة النوم؟ إن قُلْتُ قبل أن ينام أحلت لأنه يقظان، وإن قُلْتُ فِي حال النوم أبطلت لأنه لا يعقل بشيء، وإن قُلْتُ بعد قيامه فقد خرج عنه ولا يوجد الشيء بعد فقده.

فوالله ما كان عندي فيها جواب.

وأخبرنا الصيمري، قَالَ: حَدَّثَنَا المرزباني، قَالَ: أخبرني الصولي، قَالَ: قَالَ الجاحظ: قَالَ ثمامة: دخلت إِلَى صديق لي أعوده، وتركت حماري عَلَى الباب ولم يكن معي غلام، ثم خرجت فإذا فوقه صبي، فقلت: لم ركبت حماري بغيرإذني قَالَ: خفت أن يذهب فحفظته لك، قُلْتُ: لو ذهب كان أعجب إِلَى من بقائه، قَالَ: فإن كان هذا رأيك فِي الحمار فاعمل عَلَى أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ وهبه لِي، وَارْبَحْ شُكْرِي، فَلَمْ أَدْرِ مَا أَقُولُ.

أخبرني أَبُو الفرج الحسين بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي علانة المقرئ، قَالَ: أخبرنا أَبُو بَكْرٍ أحمد بن جعفر بن سلم، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دلف هاشم بن مُحَمَّد الخزاعي، قَالَ: أخبرنا عمرو بن بحر الجاحظ، سنة ثلاث وخمسين ومائتين، قَالَ: حَدَّثَنِي ثمامة بن أشرس، قَالَ: شهدت رجلا يوما من الأيام وقد قدم خصما إِلَى بعض الولاة، فَقَالَ: أصلحك الله ناصبي، رافضي، جهمي، مشبه، مجبر، قدري، يشتم الحجاج بن الزبير، الذي هدم الكعبة عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَيَلْعَنُ مُعَاوِيَة بْنِ أَبِي طَالِبٍ! فَقَالَ لَهُ الْوَالِي: مَا أَدْرِي مِمَّا أَتَعَجَّبُ! مِنْ عِلْمِكَ بِالأَنْسَابِ أَوْ مِنْ مَعْرِفَتِكَ بِالْمَقَالاتِ؟ فَقَالَ: أصلحك الله ما خرجت من الكتاب حتى تعلمت هذا كله! أخبرني أَبُو يعلي أحمد بن عبد الواحد الوكيل، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن جعفر النحوي الكوفي، قَالَ: أخبرنا أَبُو الحسن الواقصي، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن النديم، قَالَ: دخل ثمامة بن أشرس عَلَى المأمون وعنده أَبُو العتاهية، فَقَالَ أَبُو العتاهية: يا أمير المؤمنين، أتأذن فِي مناظرته فِي القدر؟ قَالَ: افعل، قَالَ: فأدخل أَبُو العتاهية يده فِي كمه وحرك أصبعه، وَقَالَ: من حرك يدي؟ قَالَ ثمامة: من أمه بظراء.

قَالَ: يقول أَبُو العتاهية: علة قاطعة.

أخبرنا الحسين بن عَلِيّ الصيمري، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عمران المرزباني، قَالَ: أخبرني مُحَمَّد بن يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يموت بن المزرع، قَالَ: حَدَّثَنِي الجاحظ، قَالَ: دخل أَبُو العتاهية عَلَى المأمون فطعن عَلَى أهل البدع، وجعل يخص القدرية باللعن، فَقَالَ له المأمون: أنت صاحب شعر ولغة وللكلام قوم، قَالَ: يا أمير المؤمنين لعمري إن صناعتي لتلك، ولكني أسأل ثمامة عَنْ مسألة، فقل له: يجيبني، فَقَالَ له المأمون لا ترد هذا فلست فِي الكلام من طرزه، فَقَالَ: يتفضل عَلَى أمير المؤمنين بذلك، فَقَالَ: يا ثمامة إذا سألك فأجبه.

فأخرج أَبُو العتاهية يده من كمه، ثم حركها، وَقَالَ يا ثمامة: من حرك يدي، قَالَ: من أمه زانية، فَقَالَ: شتمني والله فَقَالَ ثمامة: ناقض والله.

فَقَالَ له المأمون: قد أجاب عَنِ المسألة فإن كان عندك زيادة فزده، فانصرف أَبُو العتاهية.

أخبرنا أَبُو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل، قَالَ: أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدل، قَالَ: حَدَّثَنَا الحسين بن القاسم الكوكبي، قَالَ: حَدَّثَنَا المبرد، قَالَ: أخبرني الميثمي، قَالَ: قَالَ رجل لثمامة: أنت إن شئت قضى فلان حاجتي، فَقَالَ ثمامة أنا قدري ولم تبلغ قدريتي هذا كله.

إنما قُلْتُ: إن شئت فعلت، ولم أقل: إن شئت فعل فلان.

أخبرنا الحسين بن عَلِيّ بن عبيد الله المقرئ، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن جعفر بن هارون التميمي، قَالَ: أخبرنا أبو روق الهزاني، قَالَ: حَدَّثَنَا الفضل بن يعقوب، قَالَ: لما اجتمع ثمامة بن أشرس، ويحيى بن أكثم عند المأمون فقَالَ ليحيى: خَبِّرْنِي عَنِ العشق ما هو؟ قَالَ: يا أمير المؤمنين، سوانح تسنح للعاشق يؤثرها، ويهتم بها تسمى عشقا، فَقَالَ له ثمامة: يا يَحْيَى أنت بمسائل الفقه أبصر منك بهذا الباب، ونحن بهذا أحذق منك، قَالَ المأمون: فهات ما عندك، فَقَالَ: يا أمير المؤمنين، إذا امتزجت جواهر النفوس بوصل المشاكلة، نتجت لمح نور ساطع يستضيء به بواصر العقل، وتهتز لإشراقه طبائع الحياة ويتصور من ذلك اللمح نور خاص بالنفس، متصل بجوهرها يسمى عشقا.

فَقَالَ المأمون: هذا وأبيك الجواب! أخبرنا الصيمري، قَالَ: أخبرنا المرزباني، قَالَ: أخبرنا أَبُو بَكْرٍ الجرجاني، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يزيد المبرد، عَنِ الحسن بن رجاء أن الرشيد لما غضب عَلَى ثمامة دفعه إِلَى سلام الأبرش، وأمره أن يضيق عليه، ويدخله بيتا ويطين عليه، ويترك فيه ثقبا، ففعل دون ذلك، وكان يدس إليه الطعام، فجلس سلام عشية يقرأ فِي المصحف، فقرأ: {فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}، فَقَالَ له ثمامة: إنما هو للمكذبين، وجعل يشرحه له ويقول: المكذَّبون: هم الرسل، والمكذِّبون: هم الكفار، فَقَالَ: قد قيل لي: إنك زنديق ولم أقبل، ثم ضيق عليه أشد الضيق! قَالَ: ثم رضي الرشيد عَنْ ثمامة وجالسه، فقال أخبروني من أسوأ الناس حالا؟ فقال كل واحد شيئا قَالَ ثمامة: فبلغ القول إلي، فقلت: عاقل يجري عليه حكم جاهل، قَالَ: فتبينت الغضب فِي وجهه، فقلت: يا أمير المؤمنين، ما أحسبني وقعت بحيث أردت؟ قَالَ: لا والله فاشرح، فحدثته بحديث سلام، فجعل يضحك حتى استلقى، وَقَالَ: صدقت والله، لقد كنت أسوأ الناس حالا.

أخبرنا عبد الملك بن محمد بن عبد الله الواعظ، قَالَ: أخبرنا دعلج بن أحمد، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بن هارون، قَالَ: حَدَّثَنَا أبي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أبي كبشة، قَالَ: كنت فِي سفينة فِي البحر، فسمعت هاتفا يهتف وهو يقول: لا إله إلا الله، كذب المريسي عَلَى الله، ثم عاد الصوت فَقَالَ لا إله إلا الله، عَلَى ثمامة والمريسي لعنة الله.

قَالَ: وكان معنا فِي المركب رجل من أصحاب المريسي فخر ميتا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015