3184 - إبراهيم بن ماهان بن بهمن أبو إسحاق المعروف بالموصلي وهو من أرجان، ينتسب إلى ولاء الحنظليين، وأصله من الفرس، وإنما سمي الموصلي، لأنه صحب بالكوفة فتيانا في طلب الغناء فاشتد عليه أخواله في ذلك فخرج من الكوفة إلى الموصل ثم عاد إلى الكوفة، فقال له أخواله: مرحبا بالفتى الموصلي فبقي ذلك عليه، وكان ماهان أبوه خرج من أرجان بأم إبراهيم وهي حامل، فقدم الكوفة فولد إبراهيم بها في بني عبد الله بن دارم سنة خمس وعشرين ومائة، ونظر في الأدب، وقال الشعر، وطلب عربي الغناء وعجميه، وسافر فيه إلى البلاد حتى برع في العلم به، واتصل بالخلفاء والملوك ولم يزل ببغداد إلى حين وفاته.
حدثني علي بن المحسن، قال: وجدت في كتاب جدي علي بن محمد بن أبي الفهم التنوخي، قال: حدثنا الحرمي بن أبي العلاء، قال: حدثنا أبو خالد يزيد بن محمد المهلبي، قال: سمعت إسحاق بن إبراهيم الموصلي، يقول: نحن قوم من أهل أرجان سقط أبي إلى الموصل في طلب الرزق فما أقام بها إلا أربعة أشهر، ثم قدم بغداد، فقال الناس: الموصلي لقدومه منها، ولم يكن من أهلها، قال: وأبي إبراهيم بن ماهان، قال: وهو عندنا ابن ميمون، قال: وكانت في أيدينا ضياع لبعض الحنظليين فتوليناهم.
أخبرنا علي بن عبد العزيز الطاهري، قال: أخبرنا علي بن عبد الله بن المغيرة الجوهري، قال: حدثنا أحمد بن سعيد الدمشقي، قال: حدثنا الزبير بن بكار، قال: حدثني إسحاق، يعني ابن إبراهيم الموصلي، عن أبيه إبراهيم، قال: جاءني غلامي، فقال: بالباب رجل حائك يطلب عليك الإذن، فقلت: ويلك ما لي ولحائك، قال: لا أدري غير أنه قد حلف بالطلاق لا ينصرف حتى يكلمك بحاجته، فقلت: ائذن له فدخل، فقلت: ما حاجتك؟ قال: جعلني الله فداك أنا رجل حائك، وكان عندي بالأمس جماعة من أصحابي، وإنا تذاكرنا الغناء والمقدمين فيه، فأجمع من حضر أنك رأس القوم وبندارهم وسيدهم في هذه الصناعة فحلفت بالطلاق طلاق ابنة عمى وأعز الخلق عليّ ثقة مني بكرمك على أن تشرب عندي غدا وتغنيني، فإن رأيت جعلني الله فداك أن تمن على عبدك بذلك فعلت، قال: فقلت له: أين منزلك؟ قال: في دور الصحابة، قال: قلت: فصف للغلام موضعه وانصرف فإني رائح إليك فوصف للغلام موضعه، فلما صليت الظهر وكنت أمرت الغلام أن يحمل معه قنينة وقدحا ومصلى وخريطة العود، ومضيت حتى صرت إلى منزله، فلما دخلت قام إلي الحاكة فأكبوا علي فقبلوا أطرافي وعرضوا عليّ الطعام، فقلت: قد تقدمت في الأكل، فشربت من نبيذي، ثم تناولت العود، فقلت: اقترح، فقال لي الحائك: غنني بحياتي:
يقولون لي لو كان بالرمل لم يمت نبيشة والطراق يكذب قيلها
، فغنيت، فقال: أحسنت والله، جعلني الله فداك، ثم قلت: اقترح، فقال: غنني بحياتي:
وخطا بأطراف الأسنة مضجعي وردا على عينيّ فضل ردائيا
فغنيت، فقال: أحسنت والله، جعلني الله فداك ثم شربت، وقلت: اقترح، فقال: غنني بحياتي:
أحقا عباد الله أن لست واردا ولا صادرا إلا عليّ رقيب
فقلت: يا ابن اللخناء أنت بابن سريج أشبه منك بالحاكة فغنيته، ثم قلت: والله إنك إن عدتَ ثانية حلت امرأتك لغلامي قبل أن تحل لك ثم انصرفت، وجاء رسول أمير المؤمنين الرشيد يطلبني، فمضيت من فوري ذلك، فدخلت على الرشيد، فقال: أين كنت يا إبراهيم؟ فقلت: ولي الأمان يا سيدي، قال: ولك الأمان، فأخبرته فضحك، وقال: هذا أنبل حائك على ظهر الأرض، وقال: والله لقد كرمت في أمره وأحسنت في إجابته، وبعث على المكان إلى الحائك فاستنطقه وساءله فاستطابه واستظرفه، وأمر له بثلاثين ألف درهم.
قرأت على الحسن بن علي الجوهري، عن أبي عبيد الله المرزباني، قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا محمد بن عبد الله التميمي، قال: حدثني أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل، عن أبيه، قال: كان الرشيد قد أمر بحبس إبراهيم الموصلي لشيء جرى بينه وبين ابن جامع في مجلسه، فتاب إبراهيم من الغناء، فأمر الرشيد بحبسه حتى يغنى، فكتب أبو العتاهية إلى سلم الخاسر:
سلم يا سلم ليس دونك سر حبس الموصلي فالعيش مر
ما استطاب اللذات مذ سكن المطبق رأس اللذات في الأرض حر
حبس اللهو والسرور فما في الأرض شيء يلهى به ويسر
أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد بن عبد الله البيع، قال: أخبرنا إبراهيم بن مخلد، قال: حدثنا علي بن الحسين الأصبهاني، قال: أخبرني إسماعيل بن يونس، قال: حدثنا عمر بن شبة، قال: مات إبراهيم الموصلي في سنة ثمان وثمانين ومائة.
حدثنا الحسن بن أبي بكر، عن أحمد بن كامل القاضي، قال: مات إبراهيم الموصلي المغني والد إسحاق فيما ذكر سنة ثلاث عشرة ومائتين ببغداد، وقيل: إن القول الأول أصح، فالله أعلم.