محمد بن إسحاق

1 - محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار وقيل ابن يسار بن كوثان المديني مولى قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف.

قلت: لم أر في جملة المحمدين الذين كانوا في مدينة السلام من أهلها والواردين إليها أكبر سنا وأعلى إسنادا وأقدم موتا منه، ولهذه الأسباب المجتمعة فيه افتتحت كتابي بتسميته، وأتبعته بمن يلحق به من أهل ترجمته، ولولا ذلك لكان أولى الأشياء تقديم ترجمة " محمد بن أحمد " على ما عداها من الأسماء اقتداء بما رسمه لنا أئمة شيوخنا، والله ولي عصمتنا وتوفيقنا.

ومحمد بن إسحاق يكنى أبا بكر، وقيل: أبا عبد الله، وله أخوان هما أبو بكر وعمر ابنا إسحاق.

رأى محمد: أنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، وسمع القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وأبان بن عثمان بن عفان، ومحمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وأبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، ونافعا مولى عبد الله بن عمر، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وغيرهم.

وكان عالما بالسير والمغازي وأيام الناس، وأخبار المبتدأ، وقصص الأنبياء.

وحدث عنه أئمة العلماء، منهم: يحيى بن سعيد الأنصاري، وسفيان بن سعيد الثوري، وابن جريج، وشعبة بن الحجاج، وجرير بن حازم، -[8]- والحمادان، ابن سلمة وابن زيد، وإبراهيم بن سعد الزهري، وشريك بن عبد الله النخعي، وسفيان بن عيينة، ومن بعدهم.

وكان ابن إسحاق قدم بغداد فنزلها حتى مات بها، ودفن بمقبرة الخيزران في الجانب الشرقي منها.

وقد احتج بروايته في الإحكام قوم من أهل العلم، وصدف عنها آخرون، وأنا ذاكر ما حفظت من قول العلماء في عدالته، واختلافهم في الاحتجاج بروايته، والمشهور من تاريخ وفاته بعون الله ومشيئته.

أَخْبَرَنَا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان الصيرفي بنيسابور، قَالَ: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم، يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري، يقول: سمعت يحيى بن معين، يقول: محمد بن إسحاق مولى قيس بن مخرمة.

أَخْبَرَنَا أبو الحسين محمد بن عبد الواحد بن علي البزاز، قَالَ: حدثنا عمر بن محمد بن سيف الكاتب، قَالَ، حدثنا محمد بن العباس اليزيدي، قَالَ: حَدَّثَنِي أبو جعفر أحمد بن محمد اليزيدي عمي، قَالَ: أخبرنا مؤرج بن عمرو أبو فيد السدوسي، قَالَ: ومحمد بن إسحاق صاحب السيرة مولى لبني قيس بن مخرمة بن المطلب.

أَخْبَرَنَا محمد بن الحسين بن الفضل القطان، قَالَ: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي، قَالَ: حدثنا يعقوب بن سفيان، قَالَ: محمد -[9]- ابن إسحاق بن يسار صاحب السيرة مولى فارسي.

حَدَّثَنِي أبو القاسم الأزهري، قَالَ: أخبرنا محمد بن العباس الخزاز، قَالَ: أخبرنا بدر بن الهيثم القاضي إملاء، قَالَ: محمد بن إسحاق، قالوا: هو محمد بن إسحاق بن يسار بن كوثان، وله أخ يقال له: عمر بن إسحاق.

وموسى بن يسار، الذي يروي عن أبي هريرة عمهما.

أَخْبَرَنَا عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي، قَالَ: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني، قَالَ: وابن إسحاق صاحب المغازي، هو: محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار، وكان خيار لقيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف، قَالَ ذلك: الهيثم بن عدي، وأبو الحسن المدائني.

أَخْبَرَنَا القاضي أبو عبد الله الحسين بن علي الصيمري، قَالَ: أخبرنَا علي بن الحسن الوراق الرازي، قَالَ: أخبرَنَا محمد بن الحسين الزعفراني، قَالَ: أخبرَنَا أحمد بن زهير، قَالَ: أخبرَنَا مصعب بن عبد الله، قَالَ: يسار مولى عبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطلب، جد محمد بن إسحاق صاحب المغازي من سبي عين التمر، وهو أول سبي دخل المدينة من العراق.

الاختلاف في كنية ابن إسحاق:

أَخْبَرَنَا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل، قَالَ: أخبرَنَا عثمان بن أحمد الدقاق، قَالَ: قرئ على أبي الحسن محمد بن أحمد بن البراء وأنا حاضر.

ح وَأَخْبَرَنَا أبو الفتح منصور بن ربيعة بن أحمد الزهري الخطيب بالدينور، قَالَ: أخبرَنَا علي بن أحمد بن علي بن راشد، قَالَ: أخبرَنَا أحمد بن يحيى بن الجارود، قالا: قَالَ علي ابن المديني: محمد بن -[10]- إسحاق بن يسار يكنى أبا بكر.

أَخْبَرَنَا ابن الفضل القطان، قَالَ: حدثنا علي بن إبراهيم المستملي، قَالَ: حدثنا أبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس الدلال، قَالَ: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، قَالَ: محمد بن إسحاق مديني كنيته أبو بكر.

أَخْبَرَنَا أبو حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم العبدوي بنيسابور، قَالَ: سمعت محمد بن عبد الله الجوزقي، يقول: أخبرَنَا مكي بن عبدان، قَالَ: سمعت مسلم بن الحجاج، يقول: محمد بن إسحاق بن يسار أبو بكر.

أَخْبَرَنَا الحسن بن علي الجوهري، قَالَ: أخبرَنَا محمد بن العباس الخزاز، قَالَ: أخبرَنَا أحمد بن جعفر بن محمد بن المنادي، قَالَ: محمد بن إسحاق بن يسار أبو بكر.

أَخْبَرَنَا أبو سعيد الحسن بن محمد بن عبد الله بن حسنويه الكاتب بأصبهان، قَالَ: أخبرَنَا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، قَالَ: أخبرَنَا عمر بن أحمد الأهوازي، ثم أَخْبَرَنَا محمد بن أبي علي الأصبهاني ببغداد، قَالَ: أخبرَنَا محمد بن أحمد بن إسحاق الشاهد بالأهواز، قَالَ: حدثنا عمر بن أحمد، قَالَ: حدثنا خليفة بن خياط، قَالَ: محمد بن إسحاق بن يسار يكنى أبا عبد الله.

أَخْبَرَنَا ابن بشران، قَالَ: أخبرَنَا الحسين بن صفوان البرذعي، قَالَ: حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، قَالَ: حدثنا محمد بن سعد، قَالَ: -[11]- محمد بن إسحاق بن يسار يكنى أبا عبد الله.

أَخْبَرَنِي أبو القاسم الأزهري، قَالَ: حدثنا عبد الرحمن بن عمر الخلال، قَالَ: أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، قَالَ: حدثنا جدي، قَالَ: محمد بن إسحاق بن يسار يكنى أبا عبد الله.

تسمية قدماء شيوخ بن إسحاق الذين أدركهم وبعض حكاياته عنهم.

أَخْبَرَنَا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي البزاز إجازة، قَالَ: أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة.

ثم أَخْبَرَنِي الأزهري قراءة، قَالَ: حدثنا عبد الرحمن بن عمر الخلال، قَالَ: حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب، قَالَ: حدثنا جدي، قَالَ: حَدَّثَنِي إسحاق بن إبراهيم ختن سلمة، قَالَ: حدثنا سلمة، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن إسحاق، قَالَ: رأيت أنس بن مالك عليه عمامة سوداء، والصبيان يشتدون ويقولون: هذا رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يموت حتى يلقى الدجال.

وحدثنا علي بن محمد بن الحسين الدقاق، قَالَ: قرأنا علي الحسين بن هارون الضبي، عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قَالَ: حدثنا أحمد بن زهير، قَالَ: حدثنا أبو داود المباركي، قَالَ: حدثنا أبو شهاب، قَالَ: قيل لمحمد بن إسحاق: أدركت سعيد بن المسيب؟ قَالَ: أدركته وأنا غلام.

أَخْبَرَنَا أبو الحسن محمد بن أحمد بن رزق البزاز، قَالَ: حدثنا -[12]- أحمد بن سلمان النجاد.

وَأَخْبَرَنِي أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري، قَالَ: أخبرنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، قالا: حَدَّثَنَا جعفر بن محمد بن الأزهر، قَالَ: حدثنا ابن الغلابي، قَالَ: سألت يحيى بن معين عن محمد بن إسحاق، فقال: كان ثقة، وكان حسن الحديث.

فقلت: إنهم يزعمون أنه رأى سعيد بن المسيب.

فقال: إنه لقديم.

أَخْبَرَنَا أبو سعيد الصيرفي، قَالَ: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم، يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري، يقول: سمعت يحيى بن معين، يقول: قد سمع محمد بن إسحاق من أبان بن عثمان، وسمع من عطاء، وسمع من أبي سلمة بن عبد الرحمن، وسمع أيضا من القاسم بن محمد.

قَالَ لنا أبو سعيد في موضع آخر: سمعت الأصم، يقول: سمعت العباس، يقول: سمعت يحيى، يقول: قد سمع محمد بن إسحاق من القاسم بن محمد، وسمع من مكحول، وسمع من عبد الرحمن بن الأسود.

أَخْبَرَنِي عبد الله بن يحيى السكري، قَالَ: أخبرنا أبو بكر الشافعي، قَالَ: حدثنا جعفر بن محمد بن الأزهر، قَالَ: حدثنا ابن الغلابي، قَالَ: حدثنا يحيى بن معين، قَالَ: حدثنا سلمة بن الفضل الأبرش، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن إسحاق، قَالَ: رأيت سالم بن عبد الله بن عمر يلبس الصوف، وكان علج الخلق يعالج بيديه ويعمل.

-[13]-

أَخْبَرَنَا أبو سعيد الصيرفي، قَالَ: حدثنا محمد بن يعقوب الأصم، قَالَ: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قَالَ: حدثنا أبي، قَالَ: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي، قَالَ: حدثنا سلمة بن الفضل، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن إسحاق، قَالَ: رأيت أبا سلمة بن عبد الرحمن يأخذ بيد الصبي من الكتاب، فيذهب به إلى البيت فيملي عليه الحديث يكتب له.

مناقب ابن إسحاق ومعرفة حاله أَخْبَرَنَا أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن ماشاذة الأصبهاني، بها قَالَ: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، قَالَ: حَدَّثَنِي حمزة بن أبي شداد، قَالَ: سمعت إبراهيم بن الحسين، قَالَ: سمعت علي ابن المديني، يقول.

وَأَخْبَرَنَا أبو جعفر محمد بن جعفر بن علان الشروطي، قَالَ: أخبرنَا أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي الحافظ، قَالَ: حَدَّثَنِي هارون بن عيسى، قَالَ: حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد، قَالَ: سمعت علي ابن المديني، يقول: مدار حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ستة، فذكرهم، ثم قَالَ: فصار علم الستة عند اثني عشر أحدهم ابن إسحاق.

هذا لفظ حديث الأصبهاني، وحديث الشروطي بمعناه غير أنه قَالَ: ثلاثة عشر أحدهم محمد بن إسحاق.

-[14]-

أخبرنا ابن بشران، قَالَ: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد المصري، قَالَ: حدثَنَا عبد الله بن أبي مريم، قَالَ: حدثَنَا نعيم بن حماد، قَالَ: حدثَنَا سفيان بن عيينة، قَالَ: رأيت الزهري أتاه محمد بن إسحاق فاستبطأه، فقال له: أين كنت؟ فقال له محمد بن إسحاق: وهل يصل إليك أحد مع حاجبك؟ قَالَ: فدعا حاجبه، فقال له: لا تحجبه إذا جاء.

قَالَ ابن عيينة: قَالَ أبو بكر الهذلي: سمعت الزهري، يقول: لا يزال بالمدينة علم جم ما كان فيهم ابن إسحاق.

أَخْبَرَنَا أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب الخوارزمي البرقاني، قَالَ: قرأت على أبي العباس بن حمدان: حدثكم تميم بن محمد، قَالَ: حدثنا أبو كريب، قَالَ: حدثنا ابن إدريس، عن سفيان بن عيينة، قَالَ: قَالَ الزهري: لا يزال بالمدينة جم ما بقي، وذكر ابن إسحاق.

أَخْبَرَنَا علي بن أحمد بن عمر المقرئ، قَالَ: أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي، أن معاذ بن المثنى حدثهم، قَالَ: حدثنا علي ابن المديني، قَالَ: سمعت سفيان، يقول: قَالَ ابن شهاب: وسئل عن مغازيه، فقال: هذا أعلم الناس بها، يعني: ابن إسحاق.

أَخْبَرَنِي الأزهري، قَالَ: حدثنا محمد بن العباس الخزاز، قَالَ: حدثنا إبراهيم بن محمد بن أحمد الفشني، قدم علينا، قَالَ: حدثنا أبو الفضل -[15]- العباس بن عزير القطان المروزي، قَالَ: حدثنا حرملة بن يحيى التجيبي، قَالَ: سمعت محمد بن إدريس الشافعي، يقول: من أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على محمد بن إسحاق.

أَخْبَرَنَا الصيمري، قَالَ: حدثنا علي بن الحسن الرازي، قَالَ: حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني، قَالَ: حدثنا أحمد بن زهير، قَالَ: سألت يحيى بن معين عن محمد بن إسحاق؟ فقال: قَالَ عاصم بن عمر بن قتادة: لا يزال في الناس علم ما عاش محمد بن إسحاق.

وَقَالَ أحمد بن زهير: حَدَّثَنَا هارون بن معروف، قَالَ: سمعت أبا معاوية، يقول: كان ابن إسحاق من أحفظ الناس، فكان إذا كان عند الرجل خمسة أحاديث أو أكثر جاء فاستودعها محمد بن إسحاق، وَقَالَ: احفظها علي فإن نسيتها كنت قد حفظتها علي.

أَخْبَرَنَا الحسن بن علي الجوهري، قَالَ: أخبرنا محمد بن العباس الخزاز، قَالَ: أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن محمد الزهري، قَالَ: حدثنا أحمد بن سعد الزهري.

وَأَخْبَرَنَا أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري، قَالَ: أخبرنا عبد الرحمن بن عمر، قَالَ: أخبرنا أحمد بن محمد بن أبي سعيد، قَالَ: حدثنا أحمد بن سعد، قَالَ: حدثنا ابن نفيل، قَالَ: حدثنا عبد الله بن فايد، قَالَ: كنا إذا جلسنا إلى محمد بن إسحاق فأخذ في فن من العلم، قضى مجلسه في ذلك الفن.

أَخْبَرَنَا أبو محمد عبيد الله بن الحسين بن نصر العطار، قَالَ: حدثنا علي -[16]- ابن عمر الحافظ، قَالَ: حدثنا يزداد بن عبد الرحمن الكاتب، قَالَ: حدثنا عبد الله بن شبيب، قَالَ: حَدَّثَنِي إبراهيم بن يحيى بن محمد بن هانئ الشجري، عن أبيه، قَالَ: لما أراد محمد بن إسحاق الخروج إلى العراق، قَالَ له رجل من أصحابه: إني أحسب السفر غدا خسيسة يا أبا عبد الله وكان ابن إسحاق قد رق، فقال ابن إسحاق: والله ما أخلاقنا بخسيسة ولربما قصر الدهر باع الكريم.

أَخْبَرَنَا أبو بكر البرقاني، قَالَ: أخبرنا أبو أحمد الحسين بن علي التميمي، قَالَ: حدثنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق، قَالَ: حدثنا عبد الملك بن عبد الحميد بن ميمون بن مهران أبو الحسن الميموني، قَالَ: حدثنا أبو عبد الله، يعني: أحمد بن حنبل، بحديث استحسنه عن محمد بن إسحاق، فقلت له: يا أبا عبد الله ما أحسن هذه القصص التي يجيء بها ابن إسحاق.

فتبسم إلى متعجبا.

أَخْبَرَنَا الأزهري، قَالَ: حدثنا عبيد الله بن عثمان بن يحيى، قَالَ: سمعت حامدا أبا علي الهروي، يقول: سمعت الحسن بن محمد المؤدب، قَالَ: سمعت عمارا، يقول: دخل محمد بن إسحاق على المهدي وبين يديه ابنه، فقال له: أتعرف هذا يابن إسحاق؟ قَالَ: نعم، هذا ابن أمير المؤمنين.

قَالَ: اذهب فصنف له كتابا منذ خلق الله تعالى آدم عليه السلام إلى يومك هذا.

قَالَ: فذهب فصنف له هذا الكتاب.

فقال له: لقد طولته يا ابن إسحاق اذهب فاختصره.

قَالَ: فذهب فاختصره، فهو هذا الكتاب المختصر، وألقى الكتاب الكبير في خزانة أمير المؤمنين.

قَالَ: قَالَ الحسن: وسمعت أبا الهيثم، يقول: صنف محمد بن إسحاق هذا الكتاب في القراطيس ثم صير القراطيس لسلمة، يعني: -[17]- ابن الفضل، فكانت تفضل رواية سلمة على رواية غيره لحال تلك القراطيس.

هكذا قَالَ هذا الراوي دخل ابن إسحاق على المهدي وبين يديه ابنه وفي ذلك عندي نظر ولعله أراد أن يقول دخل على المنصور وبين يديه المهدي ابنه لأن ذلك أشبه بالصواب، والله أعلم.

أَخْبَرَنَا البرقاني، قَالَ: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسن السراجي السروي، قَالَ: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، قَالَ: حدثنا صالح بن أحمد، قَالَ: حدثنا علي، قَالَ: سمعت سفيان، وسئل عن محمد بن إسحاق، قيل له: لم يرو أهل المدينة عنه.

قَالَ سفيان: جالست ابن إسحاق منذ بضع وسبعين سنة وما يتهمه أحد من أهل المدينة ولا يقول فيه شيئا.

قلت لسفيان: كان ابن إسحاق جالس فاطمة بنت المنذر؟ فقال: أَخْبَرَنِي ابن إسحاق أنها حدثته وأنه دخل عليها.

(136) -[2: 17] أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرَشِيُّ، قَالَ: حدثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ، قَالَ: حدثنا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو بِدِمَشْقَ، قَالَ: حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، قَالَ: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: سَمِعْتُ امْرَأَةً وَهِيَ تَسْأَلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّ لِي ضَرَّةً وَإِنِّي أَسْتَشْبِعُ مِنْ زَوْجِي بِمَا لَمْ -[18]- يُعْطِنِيهِ لأَغِيظَهَا بِذَلِكَ.

قَالَ: " الْمُسْتَشْبِعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ " فاطمة بنت المنذر هي زوجة هشام بن عروة بن الزبير، وكان هشام ينكر على ابن إسحاق روايته عنها، ويقول: لقد دخلت بها وهي بنت تسع سنين وما رآها مخلوق حتى لحقت بالله عَزَّ وَجَلَّ أَخْبَرَنَا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق الحافظ بأصبهان، قَالَ: حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن، قَالَ: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قَالَ: حدثنا علي ابن المديني، قَالَ: سمعت يحيى بن سعيد، يقول: سألت هشام بن عروة عن محمد بن إسحاق، فقلت: كان يدخل على فاطمة بنت المنذر؟ فقال: أهو كان يصل إليها؟ وأخبرناه أبو نعيم في موضع آخر بهذا الإسناد، فقال فيه: قلت لهشام بن عروة: إن ابن إسحاق، يحدث عن فاطمة بنت المنذر، فقال: وهو كان يصل إليها؟ أَخْبَرَنَا أبو منصور محمد بن محمد بن عثمان السواق، قَالَ: حدثنا عيسى بن حامد الرخجي، قَالَ: حدثنا هيثم بن خلف الدوري، قَالَ: حدثنا أحمد بن إبراهيم، قَالَ: حدثنا أبو داود صاحب الطيالسة، قَالَ: حَدَّثَنِي من سمع هشام بن عروة وقيل له: إن ابن إسحاق يحدث بكذا وكذا عن فاطمة.

فقال: كذب الخبيث.

-[19]-

أَخْبَرَنَا علي بن طلحة بن محمد المقرئ، قَالَ: أخبرنا أبو الفتح محمد بن إبراهيم الطرسوسي، قَالَ: أخبرنا محمد بن داود الكرجي، قَالَ: حدثنا عبد الرحمن بن يوسف بن خراش، قَالَ: وروى يحيى عن سعيد القطان، قَالَ: سمعت هشام بن عروة وذكر محمد بن إسحاق، فقال: العدوُّ لله الكذاب يروي عن امرأتي، من أين رآها؟! أَخْبَرَنَا الحسن بن أبي بكر، قَالَ: أخبرنا محمد بن أحمد بن الحسن ابن الصواف، قَالَ: حدثنا عبد الله بن أحمد، قَالَ: حدثنا أبو بكر بن خلاد، قَالَ: سمعت يحيى بن سعيد، يقول: سمعت هشام بن عروة، يقول: يحدث ابن إسحاق، عن امرأتي فاطمة بنت المنذر، والله إن رآها قط.

قَالَ عبد الله بن أحمد: فحدثت أبي بحديث ابن إسحاق، فقال: وما ينكر هشام، لعله جاء فاستأذن عليها فأذنت له، أحسبه قَالَ: ولم يعلم.

وكان مالك بن أنس يسيء القول في ابن إسحاق.

أَخْبَرَنَا أبو بكر البرقاني، قَالَ: أخبرنا الحسين بن علي التميمي، قَالَ: حدثنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق، قَالَ: حدثنا الميموني، قَالَ: سمعت أبا الوليد هشام بن عبد الملك، يقول: كان مالك بن أنس سيئ الرأي في ابن إسحاق.

أَخْبَرَنِي محمد بن الحسين القطان، قَالَ: أخبرنا دعلج بن أحمد، قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي الأبار، قَالَ: حدثنا إبراهيم بن زياد سبلان، قَالَ: حدثنا حسين بن عروة، قَالَ: سمعت مالك بن أنس، يقول: محمد بن إسحاق كذاب.

أَخْبَرَنَا البرقاني، قَالَ: أخبرنا محمد بن الحسن السروي، قَالَ: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، قَالَ: حدثنا أبو سعيد الأشج، قَالَ: حدثنا ابن -[20]- إدريس، قَالَ: قلت لمالك بن أنس، وذكر المغازي، فقلت: قَالَ ابن إسحاق أنا بيطارها.

فقال: قَالَ لك أنا بيطارها؟ نحن نفيناه عن المدينة.

وَأَخْبَرَنَا البرقاني، قَالَ: أخبرنا الحسين بن علي التميمي، قَالَ: حدثنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو بكر الأثرم، قَالَ: سألته، يعني: أحمد بن حنبل، عن محمد بن إسحاق كيف هو؟ فقال: هو حسن الحديث، وَقَالَ: قَالَ مالك حين ذكره: دجال من الدجاجلة.

قد ذكر بعض العلماء أن مالكا عابه جماعة من أهل العلم في زمانه، بإطلاق لسانه في قوم معروفين بالصلاح والديانة والثقة والأمانة، واحتج بما أَخْبَرَنِي البرقاني، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الملك الأدمي، قَالَ: حدثنا محمد بن علي الإيادي، قَالَ: حدثنا زكريا الساجي، قَالَ: حَدَّثَنِي أحمد بن محمد البغدادي، قَالَ: حدثنا إبراهيم بن المنذر، قَالَ: حدثنا محمد بن فليح، قَالَ: قَالَ لي مالك بن أنس: هشام بن عروة كذاب.

قَالَ أحمد بن محمد: فسألت يحيى بن معين، فَقَالَ: عسى أراد في الكلام، وأما في الحديث فهو ثقة، وهو من الرواة عنه.

قَالَ: وَقَالَ إبراهيم حَدَّثَنِي عبد الله بن نافع، قَالَ: كان ابن أبي ذئب، وعبد العزيز الماجشون، وابن أبي حازم، ومحمد بن إسحاق، يتكلمون في مالك بن أنس، -[21]- وكان أشدهم فيه كلاما محمد بن إسحاق، كان يقول: ائتوني ببعض كتبه حتى أبين عيوبه أنا بيطار كتبه.

أما كلام مالك في ابن إسحاق فمشهور غير خاف على أحد من أهل العلم بالحديث، وأما حكاية ابن فليح عنه في هشام بن عروة، فليست بالمحفوظة إلا من الوجه الذي ذكرناه، وراويها عن إبراهيم بن المنذر، غير معروف عندنا، فالله أعلم.

وقد أمسك عن الاحتجاج بروايات ابن إسحاق غير واحد من العلماء لأسباب منها أنه كان يتشيع، وينسب إلى القدر، ويدلس في حديثه، فأما الصدق فليس بمدفوع عنه.

أَخْبَرَنَا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم الدمشقي في كتابه إلينا، قَالَ: أخبرنا أبو الميمون البجلي.

ثم أَخْبَرَنَا البرقاني قراءة، قَالَ: أخبرنا محمد بن عثمان القاضي، قَالَ: حدثنا أبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله البجلي بدمشق، قَالَ: قَالَ أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو النصري: ومحمد بن إسحاق رجل قد أجمع الكبراء من أهل العلم على الأخذ منه، منهم: سفيان، وشعبة، وابن عيينة، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وابن المبارك، وإبراهيم بن سعد.

وروى عنه: من الأكابر: يزيد بن أبي حبيب.

وقد اختبره أهل الحديث فرأوا صدقا وخيرا، مع مدحة ابن شهاب له، وقد ذاكرت دحيما قول مالك، يعني فيه، فرأى أن ذلك ليس للحديث إنما هو لأنه اتهمه بالقدر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015