2242 - أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مرزوق بْن عطية أَبُو عَبْد اللَّه بْن أَبِي عوف البُزُوري
سمع سويد بْن سَعِيد، وعثمان بْن أَبِي شيبة، وعمرو بْن مُحَمَّد الناقد، ومحمود بْن غيلان، ومحمد بْن سُلَيْمَان لوينا، ومحمد بْن حميد الرَّازِيّ، وإسماعيل بْن عبيد بْن أَبِي كريمة الحراني، ومخلد بْن الْحَسَن بْن أَبِي زميل، وأحمد بْن عَبْد الصمد الأَنْصَارِيّ، ومحمد بْن عتاب الأعين، وسعيد بْن عَبْد الرَّحْمَن المخزومي، وهارون بْن مُوسَى الفروي، وخلقا كثيرا أمثال هؤلاء.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن مَخْلَد، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وَأَبُو عَلِيِّ ابْن الصواف، وحبيب القزاز، ومحمد بْن عَلِيّ بْن حبيش، وَعَبْد اللَّهِ بْن إِبْرَاهِيم الزينبي، وغيرهم.
وَكَانَ ثِقَةً نبيلا، رفيعا جليلا، لَهُ منزلة من السلطان، ومودة فِي أنفس العوام، وحال من الدنيا واسعة، وطريقة فِي الخير محمودة، وإليه ينسب شارع ابْن أَبِي عوف المسلوك فيه إِلَى نهر القلائين وما قاربه من الموضع.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن المحاملي، وعبد الغفار بْن مُحَمَّد بْن جعفر المؤدب، قَالا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْن الْحَسَن الصواف، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن أَبِي عوف، قَالَ: سألت أَبَا عَبْد اللَّه أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حنبل، عَنْ بيع النرجس ممن يشرب المسكر، فَقَالَ لا يعجبني.
بلغني أن ابْن أَبِي عوف لم يكن عنده عَنْ أَحْمَد غير هَذِهِ المسألة.
قرأت فِي كتاب على بْن أَحْمَدَ بْن أَبِي الفوارس بخطه أَخْبَرَنَا أَبُو عمرو مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْن يَعْقُوب القرنجلي الأنباري، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق الحربي، وذكر أَبَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي عوف، فَقَالَ: ابْن أَبِي عوف أحد عجائب الدنيا، وذكره مرة أخرى، فَقَالَ: ابْن أَبِي عوف عفيف اللسان، عفيف الفرج، عفيف الكف.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر البرقاني، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الإسماعيلي، قَالَ: أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عوف جليل نبيل.
حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن نصر، قَالَ: سَمِعْتُ حمزة بْن يوسف، يَقُولُ: سألت أَبَا الْحَسَن الدارقطني عَنْ أَبِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي عوف البزوري، فَقَالَ: ثقة هو وأبوه وعمه، إنما تحكى عَنْهُ حكاية.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِم الأَزْهَرِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن جعفر ابن النجار النحوي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن الواقصي، قَالَ: كَانَ ببغداد رجل يعرف ببوقة، وَكَانَ مشهورا بالكلام، وَكَانَ ابْن أَبِي عوف يطلبه بسبب المذهب، وَكَانَ العدول يطيعون ابْن أَبِي عوف لتمكنه من السلطان، فَقَالَ: للعدول اشهدوا على شهادتي عند السلطان على أن بوقة ملحد حلال الدم، قَالَ: فشهد وشهدوا على شهادته، فأحضر ابن أَبِي عوف للمناظرة، فلما حضر بوقة، قَالَ لَهُ الخليفة: ما تقول؟ فنظر فإذا هو إن كذب العدول أوجب على نفسه عقوبة، وإن سكت حقق على نفسه، فَقَالَ: أطال اللَّه بقاء أمير المؤمنين، أنا تائب من كل مذهب خالف التوحيد والإسلام، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدا عبده ورسوله، فأمرهم الخليفة فانصرفوا.
قلت: وَكَانَ لابن أَبِي عوف اختصاص بعُبَيْد اللَّهِ بْن سُلَيْمَان الوزير، وسبب ذلك أَخْبَرَنَا الْقَاضِي على بْن المحسن التنوخي، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي الْقَاضِي أَبُو عُمَر عُبَيْد اللَّهِ بْن الْحُسَيْن الْمَعْرُوف بابن السمسار، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيِّ بْن إِدْرِيس الجمال الشاهد، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْد اللَّه بْن أَبِي عوف، قَالَ: كَانَ سبب اختصاصي بعُبَيْد اللَّهِ بْن سُلَيْمَان؛ أني اجتزت يوما فِي الجامع بالمدينة فوجدته وهو ملازم بثلاث مائة دينار فِي يد غريم لَهُ، وهو عقب النكبة، وكنت أعرف محلة عَنْ مودة بيننا، فقلت لَهُ: لأي شيء أنت أعز اللَّه ها هنا جالس وقد مضت الصلاة؟ فَقَالَ: ملازم فِي يد هَذَا الرجل بثلاث مائة دينار لَهُ عَلِيّ، فسألت الغريم إنظاره، لا أفعل، فقلت: فالمال لك عَلِيّ، تصير إلي بعد أسبوع حتى أعطيك إياه، فَقَالَ: تعطيني خطك بذلك، فاستدعيت دواة ورقة وكتبت لَهُ ضمانا بذلك إِلَى شهر، فرضي وانصرف، وقام عُبَيْد اللَّهِ وأخذ يشكرني، فقلت: تتم أيدك اللَّه سروري بأن تصير معي إِلَى منزلي، فحملته وأركبته حماري ومشيت خلفه إِلَى أن دخل داري، فأكلنا ما كَانَ أصلح لي فِي يوم الجمعة كَمَا تفعل التجار، ونام.
فلما انتبه أحضرته كيسا، وقلت: لعلك على إضاقة فأسألك بالله إلا أخذت منه ما شئت، قَالَ: فأخذ منه دنانير وقام فخرج، فأقبلت امرأتي تلومني وتوبخني، وقالت: ضمنت عَنْهُ مالا تفي بِهِ حالك ولم تقنع إلا بأن أعطيته شيئا آخر، فقلت: يا هَذِهِ فعلت جميلا، وأسديت يدا جليلة إِلَى رجل حر كريم جليل، من بيت وأصل، فإن نفعني اللَّه بذلك فله قصدت، وإن تكن الأخرى لم يضع عند اللَّه، ومضى على الحديث مدة، وحل الدين وجاء الغريم يطالبني فاشرفت على بيع عقار لي ودفع ثمنه إليه، ولم أستحسن مطالبة عُبَيْد اللَّهِ، ودفعت الرجل بوعد وعدته إِلَى أيام، فلما كَانَ بعد يومين من هَذَا الحديث جاءتني رقعة عُبَيْد اللَّهِ يستدعيني فجئته، فَقَالَ: قد وردت عَلِيّ غليلة من ضيعة لي أفلتت من البيع فِي النكبة، ومقدار ثمنها مقدار ما ضمنته عنى، فتأخذها وتبيعها وتصحح ذلك للغريم، فقلت: أفعل فحمل الغلة إلي فبعتها وحملت الثمن بأسره إليه، وقلت: أنت مضيق وأنا أدفع الغريم، وأعطيه البعض من عندي فاتسع أنت بهذا، فجهد أن آخذ منه شيئا فحلفت أن لا أفعل، ووفرت الثمن عَلَيْهِ، وجاء الغريم فألح فأعطيته من عندي البعض، ودفعت بِهِ مديدة، ولم يمض على ذلك إلا شيء يسير حتى ولي عُبَيْد اللَّهِ الوزارة، فأحضرني من يومه وقام إلي فِي مجلسه وجعلني فِي السماء فكسبت بِهِ من الأموال هَذِهِ النعمة التي أنا فيها.
قَالَ على بْن المحسن: وذكر أَبُو الْحَسَن أَحْمَد بْن يوسف بْن يَعْقُوب بْن إِسْحَاق بْن البهلول، أن أباه حدثه، قَالَ: خرجت من حضرة عُبَيْد اللَّهِ بْن سُلَيْمَان فِي وزارته أريد الدهليز فخرج ابن أَبِي عوف فصاح البوابون والحجاب والخلق: هاتوا دابة لأبي عَبْد اللَّه، هاتوا دابة لأبي عَبْد اللَّه، فحين قُدِّمت دابته ليركب، خرج الوزير ليركب، فرآه فتنحى أَبُو عَبْد اللَّه بْن أَبِي عوف، وأمر بإبعاد دابته لتُقَدَّم دابة الوزير، فحلف الوزير أنه لا يركب ولا تقدم دابته حتى يركب ابْن أَبِي عوف، قَالَ: فرأيته قائما والناس قيام بقيامة حتى قدمت دابة ابْن أَبِي عوف، فركبها ثم قدمت دابة الوزير فركب وسارا جميعا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، قَالَ: قرئ على ابْن المنادي وأنا أسمع، قَالَ: ومات أَبُو عَبْد اللَّه أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عوف البزوري فِي شوال سنة سبع وتسعين، بعد ما حمل الناس عَنْهُ حديث ليس بالكثير على ستر وأمانة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْن رزق، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن عَلِيّ الخطبي، قَالَ: مات أَبُو عَبْد اللَّه أَحْمَد بْن أَبِي عوف يوم الإثنين لليلتين بقيتا من شوال سنة سبع وتسعين ومائتين.
قلت: وَكَانَ مولده فِي سنة أربع عشرة ومائتين.